تفسير قوله تعالى: لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ

0 159

السؤال

الآية الأخيرة في سورة الجن: ليعلم أن قد أبلغوا... فما المقصود بـ: ليعلم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمقصود بقوله تعالى: ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم {الجن:28}.

هو رسول صلى الله عليه وسلم ـ كما قال كثير من أهل التفسير ـ وقيل: ليعلم الله أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم، كما في مثل قوله تعالى: وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين {العنكبوت:11}.

وقيل: ليعلم من كفر أن الرسل قد بلغوا الرسالة، وقيل غير ذلك، قال ابن كثير: وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله: ليعلم ـ إلى من يعود؟ فقيل: إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم...

ومعنى الكلام: ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسل الله قد بلغوا رسالات ربهم، وهذا على أن الفعل: يعلم ـ مبني للفاعل، وهي قراءة الجمهور، وعلى أنه مبني للمفعول: يعلم ـ وهي رواية رويس عن يعقوب، يكون المعنى: ليعلم الناس.. قال القرطبي: أي ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة، وفيه حذف يتعلق به اللام، أي أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ بالحق والصدق، وقيل: ليعلم محمد أن قد أبلغ جبريل ومن معه إليه رسالة ربه.. وقراءة الجماعة: ليعلم ـ بفتح الياء، وتأويله ما ذكرناه، وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب بضم الياء أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا..

وقال البيضاوي: ليعلم أن قد أبلغوا أي ليعلم النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبريل والملائكة النازلون بالوحي، أو ليعلم الله تعالى أن قد أبلغ الأنبياء، بمعنى ليتعلق علمه به موجودا، رسالات ربهم، كما هي محروسة من التغيير..

والحاصل أن أهل التفسير قد اختلفوا في مرجع الضمير في الآية الكريمة، وأكثرهم على أنه يعود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال عندنا بالصواب، قول من قال: ليعلم الرسول أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات