السؤال
ما حكم من يطلب من شخص لا يعرفه نقودا من باب الهبة، دون أن يقدم له مقابلا؟ ودون أن يكون بحاجة للمال، بل ليدخره فقط، ودون أن يكذب عليه، ويدعي الفقر ليطلب ذلك المال بحجة الهبة، أو الهدية، مع العلم أنه حين فعل ذلك كان في اعتقاده أن هذا حلال، وليس حراما، وهل يتوجب عليه رد المال لصاحبه؟ مع العلم أن صاحبه مسامح فيه، وقدمه له عن طيب خاطر، وإذا لم يعثر على مكان صاحب المال، فما الحل - جزاكم الله خيرا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان مستغنيا، أو قادرا على الكسب لم يحل له سؤال الناس، ومن فعل ذلك لمجرد الادخار فهو أشد ذما، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمرا، فليستقل، أو ليستكثر. رواه مسلم. وراجعي في ذلك الفتويين: 150749، 142983، وقد سبق لنا بيان الأحوال التي يجوز فيها سؤال الناس من أموالهم، وذلك في الفتوى رقم: 1519.
ومن فعل ذلك وهو يعتقد جوازه، ودون أن يكذب، أو يظهر فقرا وحاجة، فأعطي شيئا عن طيب نفس من الواهب، لم يجب عليه أن يرده إليه، وإن كان رده أفضل؛ فعن حكيم بن حزام قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي: ذكر القاضي في طيب النفس احتمالين، أظهرهما أنه عائد على الآخذ، ومعناه من أخذه بغير سؤال، ولا إشراف، وتطلع بورك له فيه.
والثاني: أنه عائد إلى الدافع، ومعناه: من أخذه ممن يدفع منشرحا بدفعه إليه طيب النفس، لا بسؤال اضطره إليه، أو نحوه؛ مما لا تطيب معه نفس الدافع. اهـ.
والله أعلم.