السؤال
إذا ذهب الشخص للمسجد للبحث عن شخص آخر فقط, فهل هذا مقيس على تحريم نشد الضالة في المساجد؟
إذا ذهب الشخص للمسجد للبحث عن شخص آخر فقط, فهل هذا مقيس على تحريم نشد الضالة في المساجد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنهي إنما ورد عن نشد الضالة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا. رواه مسلم وغيره.
والذي ذكره أهل العلم علة لهذا المنع هو أن ذلك ذريعة إلى أن تتخذ المساجد أماكن للأمور الدنيوية، فترتفع فيها الأصوات، ويكثر فيها اللغط الذي ينافي احترامها.
وحيث إن الضوال من بهيمة الأنعام، وكذا المفقودات من الأمتعة والأموال قد تكثر، فيتوسع أصحابها في السؤال عنها في المساجد وقت اجتماع المصلين مما ينافي العبادة؛ لذلك يدعى على من سأل عن ضالة أو مفقودة، بأن يقال له: لا وجدت ضالتك، أو عسى أن لا تجدها، فإن المساجد أعدت للعبادة.
وأما مجرد الذهاب إلى المسجد للبحث عن شخص فيه، فإنه ليس مما نهي عنه، ولا يقاس على ما نهي عنه فيها من نشد الضالة؛ لانتفاء علة النهي، وللفرق الواضح بينه وبين نشد الضالة؛ وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت علي - رضي الله عنه - فسأل عنه، فقيل له: إنه خرج مغاضبا، فذهب يبحث عنه، فوجده مضطجعا في المسجد، وعلى جنبه تراب، فقال له: قم أبا تراب، فكانت أحب أسمائه إليه. والقصة في صحيح البخاري، وغيره.
وفي كتب السيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن أصحابه في المسجد، ويتفقدهم؛ جاء في السيرة النبوية للحجي: كان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه الكرام دوما - رضي الله عنهم - بعد الصلوات، وغيرها، ولا سيما بعد صلاة الصبح. وجاء في كتاب شرف المصطفى للنيسابوري: وكان يتفقد أصحابه، ويسأل عنهم.
وانظر الفتوى رقم: 15235 ، وما أحيل عليها فيها.
والله أعلم.