السؤال
أرغب في القيام بعمرة، ويمنعني أني لا أستطيع تحمل الإحرام من الميقات إلى الحرم لعذر صحي, وهذا المرض قد يطول معي، فلا أعلم متى سيشفيني الله منه, فأنا مريض بهذا المرض منذ سنوات, وهذا العذر الصحي يستلزم لبس نوع محدد من الملابس، وهذه الملابس من المخيط، فهل أستطيع لبس الإحرام فوق هذه الملابس من الميقات إلى أن أصل إلى الحرم، ثم أخلع هذه الملابس، وأؤدي العمرة؟ فذلك أهون علي صحيا، فأنا قد أستطيع تحمل الإحرام لفترة قصيرة، ولكن لا أستطيع تحمله من الميقات - جزاكم الله خيرا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن المحرم ممنوع من لبس ما هو مفصل على البدن، أو عضو من أعضائه، وهذا ما يعرف بالمخيط، قال ابن عبد البر - رحمه الله -: لا يجوز لبس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم، وأجمعوا على أن المراد بهذا الذكور دون الإناث.
ولكنه إن احتاج إلى ذلك لعذر جاز له لبسه، ويفدي, جاء في الموسوعة الفقهية: اتفقوا على أن من فعل من المحظورات شيئا لعذر مرض، أو دفع أذى، فإن عليه الفدية، يتخير فيها: إما أن يذبح هديا، أو يتصدق بإطعام ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ولما ورد عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رأى هوام رأسه: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال: قلت: نعم، قال: فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة. متفق عليه. اهــ
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: إذا احتاج إلى فعل شيء من هذه المحظورات مثل: أن احتاج إلى حلق شعره لمرض، أو قمل، أو غيره، أو إلى تغطية رأسه، أو لبس المخيط، ونحو ذلك، وفعله، فعليه الفدية بلا خلاف أعلمه، ويجوز تقديم الفدية بعد وجود العذر، وقبل فعل المحظور. اهــ.
بل ذهب بعض الفقهاء إلى أن لبس مخيط لستر العورة، أو للوقاية من النجاسة، مستثنى من وجوب الفدية, فقد سئل ابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى - عن شد الذكر من أجل السلس، هل فيه فدية أم لا؟ فأجاب بقوله: لا فدية عليه بالشد المذكور؛ لأمور: منها قولهم: كل محظور في الإحرام أبيح للحاجة فيه الفدية، إلا نحو السراويل، والخفين؛ لأن ستر العورة، ووقاية الرجل من النجاسة مأمور بهما لمصلحة الصلاة، وغيرها، فخفف فيها. اهــ
وإذا تبين هذا، فإن لك أن تلبس من المخيط لعذر المرض، وتفدي, نسأل الله لك الشفاء.
والله تعالى أعلم.