السؤال
أنا شاب سوري عمري 17 سنة وأنا كغيري من السوريين الذين لم يحالفهم الحظ في الدخول إلى الفرع الذي أريده فكانت النتيجة أن ابتعدت عن الله وغرقت في المعاصي وتركت الصلاة ورأيت المنكرات والفواحش أي في ما معناه ابتعدت كل البعد عن الله وأنا الآن في حالة نفسية يرثى لها وأرجو الرد بسرعة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله؛ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
أخانا الكريم تأمل هذه الكلمات وما احتوت عليه من معان وعظات بالغة مؤثرة، ومن تأملها حق التأمل فلماذا يحمل الهموم ويكدر حياته بالنكد والحزن على شيء قد قدره الله تعالى وفرغ منه.
إن من أراد السعادة في الدنيا والآخرة فعليه أن يرضى عن الله تعالى في قضائه وقدره، وأن يوقن تمام اليقين أن اختيار الله تعالى له في أموره خير من اختياره لنفسه، وأن ذلك مقدر له قبل أن يولد، بل قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم والترمذي فإذا علم ذلك العبد المؤمن، وأيقن به كان أفرح لنفسه، وأسعد لقلبه، وأروح لباله، وملأ الله صدره باليقين والرضى والسعادة والراحة.
فإذا كان قد فاتك الدخول إلى الفرع الذي تريده فهل تظن أنه كان مكتوبا لك فمنعك الناس منه، أم أن الله تعالى لم يقدره لك في الأزل، وقدر لك شيئا آخر هو خير ورحمة بإذن الله إذا كنت من الطائعين له، فالأول مستحيل، وأما الثاني: فهو الحق الذي لا مرية فيه، فلا تتبع نفسك ما لن تناله أبدا، ولا يحملنك فواته على ارتكاب ما حرم الله، فعد إلى الله تعالى، وأقبل عليه، وقل هذا الدعاء: ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك)
والله أعلم.