تفسير: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا

0 253

السؤال

قول الله عز وجل: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا. هل ذلك له علاقة بالحياة الدنيا أم لا؟
أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن ما ذكر في الآية الكريمة من الوعيد لمن أعرض عن ذكر الله، قد ذكر كثير من المفسرين أنه في الحياة الدنيا، وقال البعض إنه في حياة البرزخ.  جاء في التحرير والتنوير: رتب على الإعراض عن هدي الله، اختلال حاله في الدنيا والآخرة، فالمعيشة مراد بها مدة المعيشة، أي مدة الحياة. اهـ.
ويقول ابن كثير: {ومن أعرض عن ذكري} أي: خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه، وتناساه، وأخذ من غيره هداه: {فإن له معيشة ضنكا} أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق، وحيرة، وشك، فلا يزال في ريبة يتردد. فهذا من ضنك المعيشة. اهـ.

ويقول السعدي: {فإن له معيشة ضنكا} أي: فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة، مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه، ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه. اهـ.

ويقول سيد قطب في الظلال: والحياة المقطوعة الصلة بالله، ورحمته الواسعة، ضنك مهما يكن فيها من سعة ومتاع. إنه ضنك الانقطاع عن الاتصال بالله، والاطمئنان إلى حماه. ضنك الحيرة، والقلق، والشك. ضنك الحرص والحذر: الحرص على ما في اليد، والحذر من الفوت. ضنك الجري وراء بارق المطامع، والحسرة على كل ما يفوت. وما يشعر القلب بطمأنينة الاستقرار إلا في رحاب الله. وما يحس راحة الثقة إلا وهو مستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. اهـ.

  ولذلك فإن المعرض عن ذكر الله، ودينه، يعيش في هم، وقلق، وإن ملك من الدنيا ما ملك، بخلاف المؤمن بوعد الله تعالى، ولقائه، فإنه يعيش مطمئن القلب، منشرح الصدر ببركة الإيمان، والتصديق بموعود الله، ولو لم يملك شيئا من الدنيا.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات