السؤال
شخص يكره زوجته ويخاف أن تدخل معه الجنة فتنغص عليه دنياه وآخرته، فبماذا نجيبه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقال لمثل هذا، لا تخف، فإنما الدنيا أيام يوشك أن تنصرم، فصبر جميل، والآخرة هي دار القرار، وفي الآخرة نبشرك بخير، فلا تنغيص في دار النعيم، فإذا التقيت بأهلك في الجنة فستلقاها بقلب لا كره فيه ولا غل، كما بيناه بالأدلة في الفتاوى التالية أرقامها: 124682، 164177، 229438.
فنوصيك أن تستبشر بحسن صبرك على زوجك أجرا كريما، واصبر، فلعلك إنما تدخل الجنة بصبرك عليها ابتغاء وجه الله، واعلم أن الله رحيم كريم لا يجمع على عبده المحتسب الصابر عناء الدنيا والآخر وبلاءهما جميعا، حتى قال عليه السلام: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وأما في الدنيا: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر.
قال الإمام النووي في شرحه عليه: الصواب أنه نهي أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك.
على أنه لا يجوز له أن يحمله كرهها على ظلمها شيئا من حقها، وقد سأل رجل الحسن فقال: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
ولذلك نوصيك بالصبر الجميل، فإنك لا تدري لعل الله يحدث بعد الكره ودا، وادع الله أن يؤلف بين قلوبكم، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه تبارك وتعالى، وقال تعالى في مثل ذلك: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}.
وللمزيد في ذلك نوصيك بالنظر في كتاب الشيخ السعدي فقد شرح حديث مسلم شرحا لطيفا في كتابه الماتع: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار ـ وهو الحديث الخمسون منه.
والله أعلم.