السؤال
أولا: جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه خدمة للإسلام والمسلمين.
ثانيا: سؤالي عن طهارة المستحاضة.
علمت مما قرأت أن المستحاضة بعد غسلها من الحيض، يلزمها أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت، ولها أن تغتسل لصلاة الفجر وتصلي الفجر، ثم تغتسل بعد ذلك عند آخر وقت الظهر، وتصليها في آخر الوقت، وتصلي العصر في أول الوقت، ثم تغتسل بعد ذلك وتصلي المغرب في آخر الوقت، والعشاء في أول الوقت. وهذا أعجب للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ما يسمى بالجمع الصوري.
فهل هذا صحيح؟
أعلم أن الجمهور يقول بأنه يجب على المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، ولكن هل يصح ذلك قبل الوقت أم لا بد أن يكون بعد دخوله أم هذا متعلق باستمرار الدم، فإن توضأت قبل الوقت ولم ينزل منها شيء صح، وإلا بطل وضوؤها. وهل لا بد أن تستنجي، وتغسل الدم في كل فرض. وهل لها أن تجمع جمعا حقيقيا الصلوات التي يمكن الجمع بينها، وتفعل ذلك على الدوام؟
وما معنى قول الإمام ابن قدامة في المغني أنها يمكن أن تجمع بوضوء واحد، مع أن الحنابلة يرون وجوب الوضوء لكل فرض، على حد علمي، وما هو الجمع المقصود هنا وما صفته؟
وهل لها أن تجمع الجمع الصوري بوضوء واحد، مع أن الوقت يخرج في هذا الجمع أم تجمع بوضوءين بأن تتوضأ وتصلي الظهر في آخر وقتها، ثم تتوضأ وتصلي العصر في أول الوقت.
فأرجو التوضيح، والتفصيل في هذا الأمر؛ لأني قرأت فيه كلاما كثيرا.
ورجاء لا تحيلوني لفتوى سابقة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من الأحكام صحيح بيناه بالفتوى رقم: 49766.
وأما حكم الاستنجاء لكل فرض، فقد بيناه بالفتوى رقم: 53090.
ولو توضأت قبل الوقت، صح منها إن لم يخرج شيء؛ فإن خرج أعادت الوضوء.
قال في كشاف القناع عن متن الإقناع: وتتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. رواه أحمد، وأبو داود. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 59835.
وقد بينا بالفتوى رقم: 205450حكم الجمع بين الصلاتين، وهل يتوضأ لهما وضوءا واحدا؟
وأما بخصوص ما ذكره الإمام ابن قدامة في المغني من أن المستحاضة يمكنها أن تجمع بين الصلاتين بوضوء واحد، فهذا لا ينافي ما هو مقرر عند الحنابلة الذين يرون وجوب الوضوء لكل فرض، فقد أجاز- رحمه الله- للمستحاضة الجمع بين الصلاتين جمعا حقيقيا في وقت إحداهما، قياسا على كونها يجوز لها إن توضأت بعد دخول الوقت أن تصلي بهذا الوضوء الفرض والصلوات الفائتة، والتطوع حتى يخرج وقت الصلاة.
قال رحمه الله: فصل: وحكم طهارة المستحاضة حكم التيمم في أنها إذا توضأت في وقت الصلاة، صلت بها الفريضة، ثم قضت الفوائت، وتطوعت حتى يخرج الوقت. نص على هذا أحمد، وعلى قياس ذلك لها الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد. انتهى.
وأما سؤلك: هل لها أن تجمع الجمع الصوري بوضوء واحد مع أن الوقت يخرج في هذا الجمع؟ فيجوز ذلك عند بعض العلماء، لكن لا شك أن الأحوط أن تتوضأ لكل صلاة؛ وراجع الفتوى رقم: 116953، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 141250.
والله أعلم.