السؤال
أبلغ من العمر 23 عاما، متزوجة من شهر ونصف زواجا عائليا، لم أمر بفترة خطوبة، ولكن زوجي له شخصية متدينة وحنونة، مشكلتي أني ظننت أن شخصا بهذه الصفات سوف أحبه سريعا، ولكني حتى الآن لا أحبه، بل ولا أطيقه أن يلمسني، ولقد فكرت في الطلاق كثيرا، ولا أخشى الناس لأني أتعذب وأعذبه معي، ولكيلا أطيل عليكم كم أنا حزينة وخائفة، فأنا لم أفقد عذريتي حتى الآن، وأنا سعيدة بذلك أشعر كأني لا أريد أن أقدمها له، ولا أريد أن أنجب منه أطفالا.. إني أخشى من الطلاق فقط على أهلي فهم نعم الأهل لي، وأخشى عليه من الصدمة، فوالله لولاهم لطلبت الطلاق.
أشيروا علي أرجوكم، هل استمراري مع زوجي فقط من أجل أهلي يكفي ويجازيني الله عليه خيرا، أم الطلاق إذا استمر الأمر كذلك حقي وهو الحل قبل فوات الأوان؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أيتها الأخت السائلة أن تطالبي بالطلاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن ثوبان رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الأرناؤوط والألباني، والمقصود بالبأس في الحديث هو الشدة التي تضطر المرأة إلى طلب الطلاق.
قال المباركفوري: قوله: "من غير بأس" أي من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة. انتهى.
وليس فيما ذكرت في سؤالك أي شيء يسوغ لك طلب الطلاق، ولهذا عليك أن تتقي الله تعالى وتشكريه إذ أنعم عليك بزوج صالح ذي دين حسن العشرة، فهو بك حنون كما ذكرت، واعلمي أن الحب أمر قلبي يقذفه الله في قلب من يشاء متى يشاء، ولا يتصور أن يكون كل زواج مبنيا على الحب، وليس الحب أساس النجاح لأي زواج، بل إن كثيرا من حالات الزواج التي نجحت نجاحا باهرا، وأثمرت عشرة لم يفرقها إلا الموت، وأولادا كانوا قرة أعين لآبائهم وأمهاتهم لم تكن مبنية أصلا على الحب، والواقع يشهد بصحة ما ذكرنا، ورضي الله عن عمر بن الخطاب فما أشد بصيرته عندما قال: فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب.
ولقد قالت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها: ولم أسمعه -تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.
فانظري كيف رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تكذب لزوجها، فلك أن تفعلي ذلك حرصا منك على أن تغرسي بذور المحبة بينك وبين زوجك.
واعلمي أنه يجب عليك أن تمكني زوجك منك، وإذا دعاك إلى الفراش يحرم عليك أن تمتنعي، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، واعلمي أنه من الجميل أن تحرصي على مشاعر أهلك، لهذا فأنت تحجمين عن طلب الطلاق.
وفي ختام جوابنا نذكرك الله في زوجك وفي بيتك الذي تسعين إلى خرابه، ولا تنسي أن زوجك قريب لك، والقريب له من الحقوق ما ليست لغيره، وتأملي حديث الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أذات زوج أنت؟" قالت: نعم، قال: "كيف أنت له؟" قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك أو نارك!" رواه أحمد.
هذا ونسأل الله تعالى أن يذهب غمك وأن يلهمك رشدك وأن يؤدم بينك وبين زوجك، واستعيني على ما أنت فيه بكثرة الصلاة والدعاء، والمواظبة على أذكار الصباح والمساء، والأكل والدخول والخروج، وقراءة سورة البقرة في المنزل، خشية أن يكون شعورك نحو زوجك ناتجا عن إصابة بعين أو حسد.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى: 1060.
والله أعلم.