مبررات امتناع الزوجة عن الجماع، وتقدير حدِّه

0 389

السؤال

أنا فتاة في العشرين من عمري متزوجة وعندي طفل، أعاني جدا من مشكلة الجماع، لأن زوجي لديه رغبة دائمة يومية فيه، وأنا لا أرغب فيه يوميا، وكثيرا ما أقبل به فقط خوفا من الإثم، وفي كثير من الأحيان أكون غير راغبة أو متعبة من غير مرض وبالتالي، لا أتفاعل مع زوجي التفاعل الذي يطلبه مني مما يغضبه، فهل من حل؟ وهل أنا آثمة، لأن الجماع اليومي يجعلني أكره الجماع جدا وأمله، خاصة أنني حامل الآن وأشمئز جدا من الجماع، وزوجي غير مقتنع بذلك، وأحيانا أكون غير راغبة بسبب المشاكل التي تقع بيننا في النهار، فيصالحني بالليل ويطلب الجماع ولكن نفسيتي تكون متأثرة ولست متقبلة للجماع، فهل إذا رفضت بسبب عدم توفر النفسية المناسبة يقع علي إثم؟
وما رأيكم في تنظيم الجماع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فامتناع المرأة عن زوجها أمر جد خطير إذا لم يكن لها ما يبرره، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.

وفي رواية لهما قال: والذي نفسي بيده؛ ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها. متفق عليه.

وعن طلق بن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور. رواه الترمذي وقال: حديث حسن ـ والنسائي، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.

ومن مبررات الامتناع أن تنشغل به عن الواجبات أو تتضرر به في بدنها، قال البهوتي في الكشاف على الإقناع ممزوجين: وللزوج الاستمتاع بزوجته ‏كل وقت على أي صفة كانت إذا كان الاستمتاع في القبل... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع ‏بها إذن، لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف، وحيث لم يشغلها عن ذلك ولم يضرها فله الاستمتاع: ولو كانت على التنور، ‏أو على ظهر قتب ـ كما رواه أحمد وغيره، وجاء في روضة الطالبين للإمام النووي: ولو كانت مريضة أو كان بها قرح ‏يضرها الوطء، فهي معذورة في الامتناع عن الوطء.

وقد اختلف العلماء في تحديد الجماع إذا كان الزوج يريد منه ما يزيد على المعتاد، جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي: قال القاضي: لأنه غير مقدر فرجع إلى اجتهاد الإمام، قال الشيخ تقي الدين: فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد، قال في الإنصاف: ظاهر كلام أكثر الأصحاب خلاف ذلك وأن ظاهر كلامهم ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، وجعل عبد الله بن الزبير لرجل أربعا بالليل وأربعا بالنهار، وصالح أنس رجلا استعدى على امرأته على ستة، ولا يكره الجماع في ليلة من الليالي ولا يوم من الأيام... اهـ.

فعلم من جميع ما ذكر أن طلب زوجك للجماع يوميا ليس أمرا ممتنعا في الشرع، وأن رفضك لطلب زوجك لمجرد عدم توفر النفسية المناسبة لا يجوز، وأنك تأثمين به، وأما إذا وقع عليك ضرر حقيقي بكثرة جماع زوجك، فإن الضرر يزال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ، ورواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

وليس من الضرر مجرد أنك لا ترتاحين لكثرة الجماع أو ما ذكرته من المشاكل التي تقع بينكما في النهار فيصالحك بالليل ويطلب الجماع، فليست هذه أعذار مقبولة للامتناع، فخافي عقاب الله واسعي في إمتاع زوجك ومكنيه مما جعله له الله من الحق، ثم تلطفي له وأسعديه، فعسى أن يكون ذلك سببا في جعله يقبل منك العذر إذا اعتذرت له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة