السؤال
أنا شاب مهاجر، تزوجت منذ شهرين، لكني لم أدخل بزوجتي بعد، وكنت على علاقة مع إحدى الفتيات، وزنيت بها، وفي سجودي عاهدت الله ألا أرجع لهذه الكبيرة – الزنا - ولكني أخلفت، وزنيت مرة أخرى، فما الواجب علي فعله؟ مع العلم أني لم أقسم بالله في سجودي، وكان العهد في نفسي فقط، فهل هذا موضع ميثاق؟ وما العمل - جزاكم الله خيرا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عاهد الله عهدا، فإنه يجب عليه الوفاء به، لا سيما إن كان ذلك في ترك الحرام، قال تعالى: وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون {النحل:91}، وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود {المائدة:1} والعقود هي: العهود.
فإن فعل ما عاهد الله على ألا يفعله، فقد نقض العهد الذي بينه وبين الله، والواجب عليه في ذلك عند جمع من أهل العلم هو التوبة، وكفارة يمين إن تلفظ بالعهد، كما قال ابن قدامة في الشرح الكبير: وإذا قال: علي عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله وميثاقه لا أفعل، فهو يمين. اهـ
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجز عن واحدة من الثلاثة صام ثلاثة أيام.
وأما إن كان هذا العهد المذكور مجرد حديث نفس، لم يصحبه تلفظ باللسان، فلا يترتب عليه شيء؛ لأن الله تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم، كما ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 49573.
واعلم أن الزنا من كبائر الذنوب وأقبحها، قال الله تعالى: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء:32}، وقال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما {الفرقان:68-70}.
فالواجب على من زنى أن يتقي الله تعالى، ويكف عن هذه الفاحشة، وليتذكر عقاب الله وسخطه في الآخرة، وليخش الفضيحة في الدنيا، وما قد يصيبه من الأمراض والأسقام، كالإيدز، وغيره.
فعليك بالجد في الاقلاع عن هذه الفاحشة الشنيعة، ولا تيأس من النجاح في تركها، وثق أن من يقع في الزنى ثم يتوب، ثم يقع فيه، ثم يتوب، لا يزال باب للتوبة مفتوحا أمامه، ما دام إذا عصى تاب، ولم يقنط من رحمة الله، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عبدا أصاب ذنبا، وربما قال: أذنب ذنبا، فقال: ربي أذنبت، وربما قال: أصبت، فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبا، أو أذنب ذنبا، فقال: رب أذنبت، أو أصبت آخر، فاغفره، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا، وربما قال: أصاب ذنبا، قال: رب أصبت، أو قال: أذنبت آخر، فاغفره لي، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به، غفرت لعبدي ثلاثا، فليفعل ما شاء. أي: ما دام يذنب، ثم يتوب؛ إذ لولا توبته هذه لهلك.
والله أعلم.