السؤال
أعمل في مجال المقاولات، وقد عرفني صديق لي على أحد الموظفين في إحدى المدارس، وهو مسؤول عن أعمال الصيانة، ثم وكلني هذا الموظف ببعض هذه الأعمال، بعد أن قمت بتقديم عرض سعر أقل من باقي المقاولين، وأنا أعلم منذ البداية أنه يطمع في بعض المال، وبعد انتهاء الأعمال أعطيته مبلغا، مع العلم أني أعطيته هذا المبلغ من أرباحي، أي أني لم أقم بإضافة هذا المبلغ في عرض السعر الذي قدمته، فهل هذه تعتبر رشوة؛ لكونه مسؤولا عن هذه الأعمال؛ ولكوني أعلم منذ البداية أنه وكلني بالأعمال مقابل المال، وأنه قد يفعل هذا مع أي مقاول يقدم أقل سعر؟ وما حكم الشرع في هذه الحالة؛ لأني مضطر لدفع المال له كلما قمت بأعمال صيانة للمدرسة -جزاكم الله خيرا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دفعته للموظف رشوة وغلول، لا يجوز لك دفعه، ولا يجوز له أخذه، ولا ضرورة فيما ذكرت، فهو إنما يؤدي عمله الذي يأخذ عليه راتبا من جهة عمله؛ ففي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه، أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه.
وقد بوب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة، وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة. يعني هدايا العمال.
وفي الحديث: هدايا العمال غلول. رواه أحمد.
وقد قال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون {البقرة:188}.
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
فاستغفر الله تعالى مما فعلت، وتب إليه، ولا تعد إلى مثل ذلك، ولو رفض الموظف التعامل معك؛ لأنك لم تعطه رشوة، فسبل الحلال كثيرة، ولتبين له حرمة ذلك.
والله أعلم.