السؤال
قال تعالى: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ـ فلماذا خصت الصدقة هنا بأول عمل؟.
قال تعالى: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ـ فلماذا خصت الصدقة هنا بأول عمل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الواردة في هذه الآية يقصد بها الزكاة الواجبة, فقد أمر الله تعالى بالمبادرة بإخراجها قبل حضور أجل الإنسان فيتمنى أن يؤخر أجله حتى يخرجها بعد فوات الأوان, جاء في تفسير الطبري عند تفسير هذه الآية: عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال: ما من أحد يموت ولم يؤد زكاة ماله ولم يحج إلا سأل الكرة، فقالوا: يا أبا عباس؛ لا تزال تأتينا بالشيء لا نعرفه، قال: فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق ـ قال: أؤدي زكاة مالي: وأكن من الصالحين ـ قال: أحج. انتهى.
وفى تفسير القرطبي: قوله تعالى: وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت ـ يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلا، وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها.
الثانية: قوله تعالى: فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ـ سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحا، وروى الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت، فقال رجل: يا ابن عباس، اتق الله، إنما سأل الرجعة الكفار، فقال: سأتلو عليك بذلك قرآنا: يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون، وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، إلى قوله: والله خبير بما تعملون ـ قال: فما يوجب الزكاة؟ قال: إذا بلغ المال ـ1 ـ مائتين فصاعدا، قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة، قلت: ذكره الحليمي أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب منهاج الدين مرفوعا، فقال: وقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان عنده مال يبلغه الحج ... الحديث، فذكره، وقد تقدم في آل عمران ـ2 ـ لفظه.
الثالثة: قال ابن العربي: أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصة دون النفل، فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموما وتقديرا بالمائتين. انتهى.
وبناء على ما سبق، فالمقصود بالصدقة في هذه الآية الزكاة, خصت بالذكر هنا في حق من وجبت عليه ولم يؤدها، فيتمنى الرجعة, ولا يجاب إلى ذلك، لفوات الأوان.
والله أعلم.