خبر تسميم الحسن بن علي رضي الله عنهما

0 480

السؤال

ما هو اسم الشخص الذي قام بتسميم سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد نقل أن الحسن -رضي الله عنه- مات مسموما، واختلفوا في من سمه؛ فقيل معاوية -رضي الله عنه-، وقيل يزيد بن معاوية، وقيل زوجته، ولا يثبت شيء من ذلك كما سنبين.

قال ابن تيمية-رحمه الله- في منهاج السنة: وأما قوله: (يعني ابن المطهر الحشلي الرافضي): " إن معاوية سم الحسن ". فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به. وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم. وقد رأينا في زماننا من يقال عنه: إنه سم، ومات مسموما من الملوك وغيرهم، ويختلف الناس في ذلك، حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك، والقلعة التي مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر، ويقول: هذا سمه فلان، وهذا يقول: بل سمه غيره؛ لأنه جرى كذا، وهي واقعة في زمانك، والذين كانوا في قلعته هم الذين يحدثونك. والحسن - رضي الله عنه - قد نقل عنه أنه مات مسموما. وهذا مما يمكن أن يعلم، فإن موت المسموم لا يخفى، لكن يقال: إن امرأته سمته. ولا ريب أنه مات بالمدينة، ومعاوية بالشام، فغاية ما يظن الظان أن يقال: إن معاوية أرسل إليها، وأمرها بذلك. وقد يقال: بل سمته امرأته لغرض آخر مما تفعله النساء; فإنه كان مطلاقا لا يدوم مع امرأة. وقد قيل: إن أباها الأشعث بن قيس أمرها بذلك; فإنه كان يتهم بالانحراف في الباطن عن علي، وابنه الحسن. وإذا قيل: إن معاوية أمر أباها، كان هذا ظنا محضا. والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث (رواه البخاري) .

وبالجملة فمثل هذا لا يحكم به في الشرع باتفاق المسلمين، فلا يترتب عليه أمر ظاهر: لا مدح ولا ذم، والله أعلم. ثم إن الأشعث بن قيس مات سنة أربعين، وقيل: سنة إحدى وأربعين، ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي، في العام الذي كان يسمى عام الجماعة، وهو عام أحد وأربعين، وكان الأشعث حما الحسن بن علي، فلو كان شاهدا لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين، فكيف يكون هو الذي أمر ابنته أن تسم الحسن؟ والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال، وهو يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون. فإن كان قد وقع شيء من ذلك، فهو من باب قتال بعضهم بعضا كما تقدم، وقتال المسلمين بعضهم بعضا بتأويل، وسب بعضهم بعضا بتأويل، وتكفير بعضهم بعضا بتأويل: باب عظيم، ومن لم يعلم حقيقة الواجب فيه وإلا ضل. انتهى.

وامرأته المشار إليها هي جعدة بنت الأشعث بن قيس.

وممن نقد قصة سم معاوية له أبو بكر بن العربي في العواصم من القواصم.

وقيل إن الذي سمه هو يزيد بن معاوية، ولا دليل على ذلك.

قال ابن كثير في البداية والنهاية: وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سمي الحسن، وأنا أتزوجك بعده، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن، أفنرضاك لأنفسنا؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى. اهـ.

وقد ذكر ابن كثير أيضا أنه: لما حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قطع السم أمعاءه، فقال الحسين: يا أبا محمد؛ أخبرني من سقاك؟ قال: ولم يا أخي؟ قال: أقتله والله قبل أن أدفنك، ولا أقدر عليه، أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه. فقال: يا أخي إنما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله، وأبى أن يسميه. اهـ.

وسياق الذهبي في تاريخه لقصة موته يدل على أنه -رحمه الله- لم يجزم بمن سمه: قال ابن عون، عن عمير بن إسحاق، قال: عدنا الحسن بن علي قبل موته، فقام وخرج من الخلاء فقال: إني والله قد لفظت طائفة من كبدي قلبتها بعود، وإني قد سقيت السم مرارا، فلم أسق مثل هذا قط، فحرض به الحسين أن يخبره من سقاه، فلم يخبره وقال: الله أشد نقمة إن كان الذي أظن، وإلا فلا يقتل بي، والله، بريء. انتهى.

فرحمة الله على الحسن، ورضي عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات