الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على وجوب قضاء الصلاة إذا فاتت بعذر، واختلفوا في قضاء الصلوات المتروكة دون عذر، والجمهور على وجوب القضاء، وهو أحوط، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65785، وما أحيل عليه فيها.
وراجعي بشأن كيفية قضاء الفوائت الفتويين رقم: 159175، ورقم: 42800.
واستدلال الجمهور بالحديث المشار إليه في السؤال على وجوب القضاء على المعذور، وغيره من باب أن غير المعذور أولى بوجوب القضاء من النائم والناسي، وأن الحديث لا يراد به قصر القضاء على المعذور، وإذا جاز للمعذور بنوم، أو نسيان أن يقضي الفوائت في وقت النهي، فإنه يجوز ذلك أيضا لغير المعذور، بل تتأكد المبادرة بالقضاء في حقه أكثر من المعذور، وانظري الفتويين رقم: 93959، ورقم: 53135، وإحالاتهما.
وما فاتك في الحضر، فعليك قضاؤه تاما سواء قضيته في السفر أم الحضر، وهذا بخلاف قضاء فائتة السفر في السفر، وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 99080، ورقم: 46301.
ثم إنه لا تلازم بين قصر الصلوات الحاضرة وبين إتمام الصلوات الفائتة.
وأما بخصوص الجهر في الصلوات المقضية: فقد اختلف فيه العلماء على النحو التالي:
يرى المالكية، والشافعية في قول: إيقاع المقضية على حسب ما كانت الصلاة وقت أدائها من جهر وإسرار، فالاعتبار عندهم بوقت الفائتة.
وذهب الحنفية إلى أن من فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قضى الفجر غداة ليلة التعريس بجماعة، وإن أم ليلا في صلاة النهار يخافت ولا يجهر، فإن جهر ساهيا كان عليه سجود السهو، والمنفرد إذا قضى الصلوات التي يجهر بها فهو مخير بين الجهر والإسرار.
ويرى بعض علماء الحنفية أن الجهر أفضل من الإسرار.
وذهب الشافعية على الأصح إلى أن الاعتبار بوقت القضاء، فالمقضية يجهر فيها من مغيب الشمس إلى طلوعها، ويسر من طلوعها إلى غروبها.
ويرى الحنابلة أن المصلي يسر في قضاء صلاة جهرية إذا قضاها في نهار ـ ولو جماعة ـ اعتبارا بزمن القضاء، كصلاة سر قضاها ولو ليلا اعتبارا بالمقضية، ويجهر بالقراءة في صلاة جهرية قضاها ليلا في جماعة اعتبارا بزمن القضاء وشبهها بالأداء لكونها في جماعة، فإن قضاها منفردا أسرها لفوات شبهها بالأداء. الموسوعة الفقهية.
وممن قال بالقول الأول سماحة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله، حيث قال: من كان عليه صلوات يقضيها كما لو أداها, إن كانت جهرية قضاها جهرا كالفجر, وإن كانت سرية قضاها سرا.
وقال ابن عثيمين - رحمه الله -: والدليل على ذلك ما يلي:
1ـ قول الرسول عليه الصلاة والسلام: من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. فكما أن الأمر عائد إلى ذات الصلاة، فهو عائد إلى صفة الصلاة أيضا، ومن صفاتها الجهر بالقراءة إذا كانت الصلاة ليلية، والإسرار بالقراءة إذا كانت الصلاة نهارية.
2ـ حديث أبي قتادة في نومهم عن صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: فصلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
3ـ أن القضاء يحكي الأداء.
وأما التنفل قبل قضاء الفوائت: فهو موضع خلاف بين أهل العلم، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 211942، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.