السؤال
بدأت - بفضل الله عز وجل - أصوم يوما وأفطر يوما، كصيام داود، وأشكلت علي أمور:
أولا: كيف أتجنب إفراد كل من يومي الجمعة والسبت بالصيام؟ فأنا مرة أفرد الجمعة، ومرة السبت؟
ثانيا: إذا وافق يوم فطري يوم الاثنين أو الخميس، أو يوما أو يومين من الأيام الثلاثة من وسط الشهر، فهل أصوم؟
ثالثا: أذهب مع أسرتي يوم الأحد من كل أسبوع لزيارة والدتي، ولا أستطيع الذهاب إلا يوم الأحد، ومن ثم فلا بد أن آتيها صائما مرة كل أسبوعين، لكن أمي تحب أن آكل من طعامها، وستحزن لو اعتذرت عن الأكل، مع العلم أني لا أبقى عندها إلى المغرب لأفطر عندها، فهل أفطر يوم الأحد برا بأمي، وأحتسب الأجر أم أصوم بدلا منه السبت، أو الاثنين أم أنه ينبغي لي أن ألتزم ببرنامجي، وأعتذر لأمي ولو حزنت لذلك - بارك الله فيكم -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فما دمت تصوم يوما وتفطر يوما، فإنه لا كراهة عليك في إفراد الجمعة أو السبت بالصوم إذا صادف يوم صومك.
قال ابن قدامة في المغني: ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك، نص عليه أحمد، في رواية الأثرم، قال: قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهي أن يفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا، قال: قلت: رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة. اهــ.
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: يجوز للإنسان إذا كان يصوم يوما ويفطر يوم يوما، يجوز أن يصوم الجمعة مفردا، أو السبت، أو الأحد، أو غيرها من الأيام ما لم يصادف ذلك أياما يحرم صومها، فإن صادف أياما يحرم صومها، وجب عليه ترك الصيام، فإذا قدر أن رجلا كان يصوم يوما ويفطر يوما، فصار يوم فطره يوم الخميس، ويوم صومه يوم الجمعة، فلا حرج عليه أن يصوم يوم الجمعة حينئذ؛ لأنه لم يصم يوم الجمعة لأنه يوم جمعة، ولكنه صادف اليوم الذي يصوم فيه، أما إذا صادف اليوم الذي يصوم فيه يوما يحرم صومه، فإنه يجب عليه الفطر كما لو صادف عيد الأضحى، أو أيام التشريق. اهــ.
وإذا وافق يوم فطرك يوما يشرع صيامه كالاثنين، أو الخميس، أو أحد الأيام البيض، فأنت بالخيار إن شئت صمته، وإن شئت أفطرته.
وإذا زرت والدتك، وتعلم أنها تحب أن تأكل عندها، وتحزن إن لم تأكل عندها، فلا شك أن فطرك عندها أفضل من صيامك؛ لأن برها وطاعتها، وإدخال السرور عليها، من أفضل الطاعات، كما أن إدخال الحزن عليها معصية، وصيامك مستحب، والواجب يقدم على المستحب.
وقد قال الشيخ ابن باز فيمن يصوم الاثنين والخميس: إذا كانت أمك لا ترضى بذلك، فلا تكدرها، فإن الوالدة حقها عظيم، وبرها من أهم الواجبات ... وبكل حال فالذي أنصحك به هو: أن تسمع قولها، وتطيعها في مثل هذا، وإذا رأيت مجالا في المستقبل لطلبها الإذن فاستأذنها في الصوم إذا كان الصوم لا يعطلك، ولا يضعفك عن المهمات المذكورة آنفا. اهــ.
انظر الفتوى رقم: 233401 عن ثمار ترك شيء من النوافل والمستحبات طاعة للوالدين, وأنت على خير - إن شاء الله تعالى - وزادك الله حرصا على طاعته.
والله أعلم.