السؤال
سؤالي هو: بعدما توضأت وأنا ذاهب إلى المسجد أحسست برطوبة في ذكري فتجاهلتها؛ لأنها تأتي دائما وهي تخيل فقط، ولكنني عندما خرجت من المسجد أحسست بها مرة أخرى، فلما تأكدت وجدت أنه قد خرج من الذكر مذي قليل جدا، فهل صلاتي صحيحة؟ أم يجب علي أن أعيدها؟ ومتى أعيدها؟ مع العلم أنه يغلب على ظني أنه خرج قبل الصلاة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمادمت لم تتيقن من خروج المذي أثناء الصلاة أو قبلها بعد الوضوء، واحتمل أن يكون قد خرج بعد الصلاة، فإن صلاتك صحيحة ولا تلزمك إعادتها، لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت, قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن. انتهى..
والأصل أنك كنت على طهارة أثناء الصلاة، وهذا الأصل لا ينقض بالشك ولو مع غلبة الظن, وغلبة الظن في هذا الباب داخلة عند بعض الفقهاء في الشك، إذ الشك عندهم مطلق التردد، ولو كان أحد الاحتمالين راجحا والآخر مرجوحا, وكل الأبواب التي يتكلمون فيها عن الشك, وأنه لا يعارض اليقين يدخل فيه غلبة الظن، قال الإمام النووي في المجموع: اعلم أن مراد الفقهاء بالشك في الماء, والحدث, والنجاسة, والصلاة, والصوم, والطلاق, والعتق, وغيرها هو التردد بين وجود الشيء وعدمه, سواء كان الطرفان في الترد سواء أو أحدهما راجحا, فهذا معناه في استعمال الفقهاء في كتب الفقه. اهـ.
وقال الزركشي في شرح مختصر الخرقي: الشك في كلام الخرقي خلاف اليقين، وإن انتهى إلى غلبة الظن، وفاقا للفقهاء واللغويين، كما قاله الجوهري وابن فارس وغيرهما... اهـ.
وفي أسنى المطالب من كتب الشافعية: لا فرق بين التساوي والرجحان، وبه صرح النووي في دقائقه وغيرها، فقال: الشك هنا وفي معظم أبواب الفقه هو التردد سواء المستوي والراجح... اهــ.
وقال النووي: من تيقن الطهارة وشك في الحدث، بنى على يقين الطهارة، ولا يلزمه الوضوء سواء حصل الشك وهو في صلاة أو غيرها، هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء.... قال أصحابنا: وسواء في الشك استوى الاحتمالان عنده، أو ترجح أحدهما، فالحكم سواء.. قال إمام الحرمين: اتفق الأصحاب على أن من تيقن الوضوء، وغلب على ظنه الحدث، فله الأخذ بالوضوء. اهـ مختصرا.
ومع الحكم بصحة صلاتك: فإنه تندب لك إعادتها لاحتمال أن يكون الخارج خرج فيها، وقد نص الفقهاء على استحباب إعادة الصلاة فيمن رأى منيا، واحتمل أنه كان جنبا في آخر صلاة، كما في إعانة الطالبين: إن لم يتيقن ذلك ندب له إعادة ما احتمل أنه صلاها بعده, وعبارة النهاية: ويندب له إعادة ما احتمل أنه ـ أي المني ـ فيها. اهـ.
والله أعلم.