الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على النبي عبادة جليلة، ذكرنا بعض فضائلها في فتاوى عدة منها الفتوى رقم: 76608، وتوابعها.
فأما رد الحبيب - صلى الله عليه وسلم - فإنه يرد على من سلم عليه؛ روى الإمام أحمد، وأبو داود، وصححه النووي، والألباني من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يسلم علي، إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام. ولما أخبرهم أن صلاتهم عليه معروضة عليه، قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت! أي يقولون قد بليت، قال: إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء.
قال ابن القيم في جلاء الأفهام: التاسعة عشرة: أنها سبب لرد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الصلاة والسلام على المصلي، والمسلم عليه. اهـ.
وأما بخصوص تنزل عشر رحمات بكل صلاة، فلعله يقصد بها ما جاء في الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنه من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة. رواه مسلم.
وقد جاء في تحفة الأحوذي عند شرحه لهذا الحديث: ( صلى الله عليه بها عشرا) أي: أعطاه الله بتلك الصلاة الواحدة عشرا من الرحمة. انتهى.
وقال أيضا في موضع آخر: (صلى الله عليه عشرا) أي: عشر صلوات، والمعنى رحمه، وضاعف أجره. انتهى.
وأما الشفاعة: فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة، حلت له الشفاعة.
قال ابن القيم في جلاء الأفهام: التاسعة: أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا قرنها بسؤال الوسيلة له، أو أفردها، كما تقدم حديث رويفع بذلك. انتهى.
وحديث رويفع هو ما رواه أحمد، والطبراني عن رويفع بن ثابت الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى على محمد، وقال: اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة، وجبت له شفاعتي. حسنه شعيب الأرناؤوط في تخريج جلاء الأفهام.
وأما أن نورا يشرق من القلب لينير الوجه، فلم يرد بشأنه حديث صحيح، ثابت فيما نعلم.
وقد قال السخاوي في القول البديع: ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - مما لم أقف عليه أنه قال: الصلاة علي نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط، ومن أراد أن يكتال له بالمكيال الأوفى يوم القيامة، فليكثر من الصلاة علي. ذكره صاحب الدر المنظم. اهـ.
وذكر أيضا: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينوا مجالسكم بالصلاة علي، فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة. أخرجه الديلمي أيضا بسند ضعيف.
وهذا في الآخرة، وأما في الدنيا فقال في ثواب الصلاة عليه: وإنها نور، ولم يذكر مستنده - رحمه الله -؛ فالله أعلم.
وأما الهيبة والوقار. فلم نجد شيئا بخصوصها.
وأما الشعور بالسكينة، والسعادة؛ فلا نعلم شيئا ورد بخصوص ذلك، ولكن روى الترمذي عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام، فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي، فقال ما شئت، قال: قلت الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذن تكفى همك، ويغفر ذنبك. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فكونها تدفع الهم، فهذا يؤدي للشعور بالسعادة؛ لأنها تنافي الهم.
وراجع ما كتبه ابن القيم في فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في جلاء الأفهام؛ فقد ذكر ما يقارب تسعا وثلاثين فائدة في الصلاة على النبي، وراجع أيضا القول البديع للسخاوي، وكتاب: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان معناها، وكيفيتها، وشيء مما ألف فيها للشيخ عبد المحسن العباد البدر.
وبهذا تعلم أن بعض تلك الفضائل صحيح، وبعضها ليس كذلك؛ ولهذا نوصيك إن أردت أن تنشر فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن تنشر الفضائل الثابتة الصحيحة، وتجدها في الفتوى التي أحلناك عليها وتوابعها.
والله أعلم.