تقليد العلماء المجتهدين لا يعني اتخاذهم أربابا من دون الله

0 216

السؤال

ما حكم الأخذ بقول العلماء في المسائل الاجتهادية؟ فمثلا: نقول قال ابن تيمية في هذه المسألة كذا وكذا، وقال ابن عبد البر كذا وكذا، وقال فلان في نفس المسألة كذا وكذا، وإذا أخذنا بحكم عالم كان رأيه ضعيفا في تلك المسألة، فهل نقع تحت قول الله عز وجل: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله؟ وكيف نقي أنفسنا من الوقوع في ذلك؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا حرج في تقليد أحد العلماء المجتهدين والأخذ بقوله لمن ليس عنده علم يتمكن به من الوصول إلى الحق بنفسه في المسألة, سواء كانت من المسائل الاجتهادية أم غيرها, وقد قال الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {الأنبياء: 7}. وقال تعالى: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم  {النساء:83}.

قال القرطبي في تفسير الآية الأولى: لم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المراد بقول الله عز وجل: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ـ وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد له من تقليد عالمه. اهـ.

وإذا قلد من يثق بدينه وعلمه من العلماء فقد فعل ما أمر به، ولا إثم عليه لو كان ذلك القول مرجوحا، ولا يدخل فيمن اتخذ الأحبار والرهبان أربابا، لأن المقصود بهؤلاء من أطاعوا علماءهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام وهم عالمون بأنهم خالفوا شرع الله, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا، حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركا ـ وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم ـ فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله، مشركا مثل هؤلاء.... اهـ.
وأما من اتبع العالم وهو يعتقد أن قوله موافق للشرع: فهذا في حقيقته باحث عن حكم الشرع يريد اتباعه ولم يتخذ ذلك العالم ربا، له حق التحليل والتحريم، وإنما اتخذه دليلا يدله على حكم الشرع، ففرق بين الأمرين, وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 220069.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى