السؤال
إن بعض الناس عند دراستهم لعلم المنطق يقولون: لوجود السعادة يجب أن يكون هناك حزن، ولوجود الخير فلا بد من شر؛ لكي يكون الخير محسوسا وغير ممل، ومن خلال هذه القاعدة كيف تكون الجنة سعادة دائمة، وليس فيها حزن ولا شر؟ وكيف تمتد السعادة إلى الأبد - جزاكم الله خيرا -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه القاعدة لا تنطبق على أهل الجنة؛ لأن الخالق سبحانه العليم الخبير أخبر عنهم أنهم في سعادة أبدية، ولا يصيبهم شيء من السوء والحزن، فقال: لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون {الزمر:61} .
ولا مجال لاستغراب أبديتهم في السعادة، فإن الله القوي القدير الفعال لما يريد وعدهم بهذا، وهو سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد، ولا يعقل أن يحكم في خبر الله ووعده الصادقين قواعد أهل المنطق وفلسفتهم.
وقد أشار تعالى إلى أن ما يلاقونه من النعيم المقيم لا يملونه ولا يسأمون منه، فقال سبحانه: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا *خالدين فيها لا يبغون عنها حولا {الكهف:108،107}
قال ابن كثير في قوله: لا يبغون عنها حولا: تنبيه على رغبتهم فيها، وحبهم لها، مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائما أنه يسأمه أو يمله، فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي، لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولا، ولا انتقالا، ولا ظعنا، ولا رحلة، ولا بدلا. انتهـى.
وقد ثبت في نفي وقوع ما يكدر سعادتهم ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا, وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا, وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا.
وفي الحديث أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله، أخبرنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، من يدخلها يخلد لا يموت، وينعم لا يبأس، لا يبلى شبابهم، ولا تخرق ثيابهم. رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني.
والله أعلم.