السؤال
هل تأمل العورة أثناء الصلاة يبطلها في المذهب الحنبلي؟ وما تفسير قول مالك إن من تأمل عورة المصلي بطلت صلاته؟ علما بأنني كنت أجهل ذلك، وهل علي إعادة الصلوات؟ وهل السجود على المكان مرة واحدة أو مسح المكان قبل السجود يبطل الصلاة؟ وهل علي إعادتها إن كانت تبطلها؟.
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مذهب المالكية: فإن عندهم خلافا في النظر للعورة في الصلاة هل يبطلها وتجب الإعادة أم لا؟ والمعتمد أنها لا تبطل بذلك سواء نظر الشخص إلى عورة نفسه أو عورة إمامه أو عورة مصل آخر، جاء في حاشية الدسوقي ما نصه: والحاصل أنه إن نظر في الصلاة لعورة نفسه أو لعورة إمامه، فإن كان عمدا بطلت وإلا فلا كان عالما بأنه في صلاة أو ذاهلا عن ذلك، وأما إن نظر لعورة شخص آخر غير نفسه وغير إمامه فلا تبطل ولو تعمد النظر لها كان عالما بأنه في صلاة أم لا، لأنه لا علقة للمنظور له بالصلاة، وهذا التفصيل طريقة لسحنون وهي ضعيفة، والمعتمد ما قاله التونسي من عدم البطلان مطلقا نظر لعورة نفسه أو إمامه، أو لعورة غيرهما سواء تعمد النظر أو لا، كان عالما بأنه في صلاة أو لا، وحينئذ فيبقى قول المصنف أو نظر محرما فيها على إطلاقه. انتهى.
وأما الحنابلة: فمذهبهم أنه إذا رأى عورة نفسه من جيب القميص ونحوه بطلت صلاته لعدم وجود الستر المأمور به، قال في مطالب أولي النهى: فلو صلى عريانا خاليا أو في قميص، ولم يزرره، ولم يشدد عليه وسطه، وكان بحيث يرى عورة نفسه منه في قيامه أو ركوعه ونحوه: لم تصح صلاته، كما لو رآها غيره. انتهى.
وأما رؤية عورة الغير في الصلاة: فلم ينصوا على بطلان الصلاة بها.
وأما مسح المكان قبل السجود: فلا يبطل الصلاة، وإن كانت السنة ألا يزيد من أراد تسوية الحصى ونحوه وهو يصلي على مسحة واحدة، لحديث معيقيب المتفق عليه: واحدة أو دع.
قال ابن رجب رحمه الله: واعلم أن مسح الحصى في الصلاة يكون على وجهين:
أحدهما: أن يكون عبثا محضا لغير وجه، فهذا مكروه، لأن العبث في الصلاة مكروه، كما يكره ذلك في حال استماع الخطبة، وفي الحديث الصحيح: ومن مس الحصى فقد لغا ـ فإن كانت الرخصة في المرة الواحدة من هذا النوع، فيشبه أن يكون معناه: أن المرة الواحدة تقع عن سهو وغفلة، والمعاود إنما يكون عن تعمد وقصد، كما قال في نظر الفجأة: إن لك الأولى وليست لك الأخرى....
الوجه الثاني: أن يكون عن حاجة إليه، مثل أن يشتد حر الحصى، فيقلبه ليتمكن من وضع جبهته عليه في السجود، أو يكون فيه ما يؤذيه السجود عليه، فيصلحه ويزيله، فهذا يرخص فيه بقدر ما يزول به الأذى عنه ويكون ذلك مرة واحدة.
وأما السجود مرة واحدة على المكان: فإن كان المراد به الاقتصار على سجدة واحدة في الركعة، فهذا مبطل للصلاة بلا شك لأنه ترك لركن من أركان الصلاة، وإن كان المراد غير هذا فوضحه ليتسنى الجواب عنه.
والله أعلم.