السؤال
هل نؤمن بكلام علماء الفلك حيث شاع أن أحدهم على التلفاز يقول: إن اثني عشر نجما في السماء تخرج إشعاعات تؤثر في صفات الأشخاص، وإن الأشخاص من نفس الأعمار يتشابهون في الصفات؟ وهل هذا حرام؟ أم أن كلام هذا العالم صحيح؟ وهل ما يقولونه في الأبراج اليومية صحيح أم ماذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ادعاه هذا الرجل غير صحيح، فقد قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه: باب في النجوم، وقال قتادة: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ـ خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. انتهى.
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ في فتح الباري: وصله عبد بن حميد من طريق شيبان عنه به، وزاد في آخره: وأن ناسا جهلة بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة، من غرس بنجم كذا كان كذا، ومن سافر بنجم كذا كان كذا، ولعمري ما من النجوم نجم إلا ويولد به الطويل والقصير، والأحمر والأبيض، والحسن والدميم، وما علم هذه النجوم، وهذه الدابة، وهذا الطائر شيء من هذا الغيب. انتهى.
والواقع يكذبه أيضا، فنحن نرى كثيرا من الناس أعمارهم واحدة، وصفاتهم مختلفة، فتجد في العمر الواحد: الذكر والأنثى، والأبيض والأسود، والطويل والقصير، والذكي والغبي، والحسن والدميم، ونحوها من الصفات، كاختلافهم في فصائل دمائهم، وألوان شعورهم، فكلها تشهد بتكذيب ما ادعاه، وجاء في الموسوعة الفقهية: قسم الفقهاء علم النجوم إلى قسمين:
الأول: حسابي، وهو تحديد أوائل الشهور بحساب سير النجوم.. ولا خلاف بين الفقهاء في جواز ممارسة التنجيم بهذا المعنى.
الثاني: استدلالي، وقد عرف ابن عابدين هذا القسم بأنه علم يعرف به الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية، وهذا القسم هو المنهي عنه إذا ادعى أصحابه أنهم يعلمون الغيب بأنفسهم منه، أو أن لها تأثيرا على الحوادث بذاتها؛ لخبر: من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد ـ وخبر: من صدق كاهنا أو عرافا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد ـ أما إذا أسند الحوادث لعادة أجراها الله تعالى عند الوقت الفلاني، فلا يأثم بذلك؛ لخبر: إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك غديقة ـ أي: كثيرة المطر، وهي كاستدلال الطبيب بالنبض على الصحة والمرض. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 134029.
وأما ما يتعلق بالأبراج التي يزعم أصحابها أنها تخبر عن حظ الإنسان، وغير ذلك من أمور الغيب، فهي من الكهانة التي لا يجوز للمسلم أن يصدقها؛ لما روى الإمام أحمد في المسند، والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
فإن تصديق هذه الأبراج كفر بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون { النمل:65}.
وراجع الفتوى رقم: 234760.
والله أعلم.