الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في شفاعة الشهداء ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته.
وفي سنن الترمذي، وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للشهيد ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه.
ولم نر بعد البحث من فصل في شأن نوعية هذه الشفاعة المذكورة, ولكنه بالنظر لأمور الشفاعة يعلم أن شفاعتهم لا تفيد الكفار من أقاربهم؛ لقوله تعالى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين {المدثر:48}.
وأنهم قد يشفعون بعض أنواع الشفاعة التي يشارك فيها غير الأنبياء، ويدخل في ذلك الإخراج من النار، ورفع الدرجات في الجنة، فقد قال العراقي في طرح التثريب: الشفاعة خمسة أقسام:
شفاعة الحشر: وهي الأولى لتعجيل الحساب، وهي مختصة بنبينا.
والثانية: الشفاعة لإدخال قوم الجنة بغير حساب، وهي أيضا مختصة به.
والثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيها هو ومن شاء الله.
والرابعة: الشفاعة فيمن دخل النار من الموحدين المذنبين فيشفع لهم هو، وغيره من الملائكة, والمؤمنين.
والخامسة: الشفاعة لزيادة الدرجات في الجنة لأهلها. اهـ.
وفي شرح النووي على مسلم: الشفاعة خمسة أقسام:
أولها: مختصة بنبينا صلى الله عليه سلم، وهي الإراحة من هول الموقف، وتعجيل الحساب...
الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه وردت أيضا لنبينا صلى الله عليه وسلم وقد ذكرها مسلم - رحمه الله -.
الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار، فيشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن شاء الله تعالى....
الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، فقد جاءت هذه الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم، والملائكة، وإخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله تعالى كل من قال؛ لا إله إلا الله، كما جاء في الحديث لا يبقى فيها إلا الكافرون.
الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها... اهـ.
والله أعلم.