السؤال
أعاني من أرق شديد، وعلى الرغم من أنني أحافظ على الأذكار وأدعية الهموم والكروب، فإنني لم أنم منذ أربعة أيام، وغالبا ما يؤذن للفجر وأنا لم أنم ولو دقيقة واحدة في تلك الليلة، فماذا أفعل وقد صرت فريسة للأوهام والشكوك، علما بأنني غريب هنا في هذه الديار، وأصلا كنت في السودان، ثم جئت إلى مكة للعمل في إحدى المدارس كمدرس، وشاء الله أن أفارق المدرسة، وأعمل في إحدى الشركات براتب 1500،
ولكن لتشدد أصحاب العمل وخصوماتهم من الراتب أصبحت أكثر أرقا وحزنا، علما بأن أهلي لا يعذرونني إن رجعت إلى السودان، ويعتبرون أنني مخطئ في كل الحالات، ولو ذهبت إلى وزارة العمل، فلا أمل في الإنصاف، لأن طالب الحق ضعيف أو مستضعف، وباختصار: كيف يمكنني النوم؟ فقد عز علي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله تعالى لك العافية وصلاح الأمور، والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى والمحافظة على الفرائض وما استطعت من النوافل وأعمال الخير هو الإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه وخاصة في أوقات الإجابة ولا تيأس ولا تمل، فإن الله عز وجل يقول في محكم كتابه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة: 186 }. وقال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء {النمل : 62 }. وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم {غافر: 60 }.
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من اليأس والقنوط من إجابة الدعاء، فقال: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ـ ما لم يستعجل ـ، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجب لي، فيستحسر ويدع الدعاء. رواه مسلم.
ومن الأدعية المأثورة التي يستجاب لمن دعا بها: ما روى أحمد عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، قال فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها؟ فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
وعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، فقال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: فقلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى ديني. رواه أبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه: كلمة أخي يونس عليه السلام، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. والحديث رواه الترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص.
ومن ذلك ما جاء أيضا في سنن الترمذي من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله، الله ربي، لا أشرك به شيئا.
وبخصوص الأرق وعدم تمكنك من النوم: فبإمكانك أن تسأل بعض أهل الاختصاص من الأطباء والصيادلة، فإن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء، علم ذلك من علم وجهله من جهله، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء . رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.