السؤال
في مصر يدرس في المناهج التعليمية أن العثمانيين استعبدوا الشعب المصري، وجعلوه طبقتين: طبقة فقيرة، وطبقة غنية، وانتشر أثناء قرون حكمهم الجهل، والخرافات، ونحو ذلك.
فما قولكم في هذا؟ وهل كانت الخلافة العثمانية راشدة، وسليمة من أوائل أيامها حتى أواخر عهودها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدولة العثمانية جرى عليها ما جرى على غيرها من تعاقب الأحوال، والأطوار المختلفة، فبدأت فتية، ثم قويت أكثر فأكثر، وكانت أحوالها في مراحلها الأولى مما يحمد في الجملة، وكان عمادها إذ ذاك قائما على حكم الشرع، والعمل بهديه الشريف، ثم أصابها ما أصاب الأمم والممالك من قبلها: من الركون إلى الدنيا، والتعدي على حدود الله، وارتكاب ما حرم الله؛ فدب الضعف في أوصالها، ولا يزال أمرها في انحطاط باجتماع أسباب الضعف والوهن عليها.
قال الدكتور محمد الصلابي في كتابه: (الدولة العثمانية عوامل النهوض، وأسباب السقوط): إن الدولة العثمانية في بداية أمرها كانت تسير على شرع الله في كل صغيرة وكبيرة، ملتزمة بمنهج أهل السنة في مسيرتها الدعوية والجهادية، آخذة بشروط التمكين وأسبابه كما جاءت في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، أما في أواخر عهدها فقد انحرفت عن شروط التمكين، وابتعدت عن أسبابه المادية والمعنوية. اهـ.
وقال أيضا: إن أسباب سقوط الدولة العثمانية كثيرة، جامعها هو الابتعاد عن تحكيم شرع الله تعالى الذي جلب للأفراد والأمة تعاسة وضنكا في الدنيا، وإن آثار الابتعاد عن شرع الله لتبدو على الحياة في وجهتها الدينية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية. وإن الفتن تظل تتوالى تترى على الناس حتى تمس جميع شؤون حياتهم؛ قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم} (سورة النور: 63). اهـ.
وذكر من جملة أسباب السقوط: انتشار مظاهر الشرك، والبدع، والخرافات، وقال: إن الدولة العثمانية في القرنين الأخيرين كانت غارقة في كثير من مظاهر الشرك، والبدع، والخرافات، وحدث انحراف في توحيد الألوهية انحرافا رهيبا، وغشيها موج من الظلام، والجهل حجب عنها حقيقة الدين، وطمس فيها نور التوحيد، وعدل بها عن صراطه المستقيم. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 15869.
والله أعلم.