السؤال
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع وعلى ما تقدمونه للمسلمين. هل عندما أرى منكرا ولا أنكره، وفاعله يعرف أنه منكر أدخل ضمن الذين يلعنون في هذه الآية الكريمة: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون"؟ وهل عندما أرى منكرا أيضا وفاعله لا يعرف أنه منكر أدخل أيضا ضمن الذين يلعنون؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يجب عليه إذا رأى أخاه المسلم يقصر في الطاعات، أو يفعل المحرمات أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ويعلمه ما يجهله، ويستوي في هذا العاصي العالم بأن ما يفعله منكر، والجاهل بحرمة ما يفعله، فيجب نصح الجميع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. أخرجه مسلم.
ومن ترك تعليم الجاهل العلم الواجب، حيث رأى تقصيره، وأمكنه تعليمه: فهو آثم، متعرض للوعيد، ويخشى أن يكون واقعا تحت قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون {البقرة:159}.
وقد أخذ الله ميثاق أهل العلم ليبينن الحق للناس ولا يكتمونه، كما قال تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون {آل عمران: 187}.
وراجع الفتويين رقم: 24634، ورقم: 223204.
وأما ترك تنبيه ونصح العاصي العالم بحرمة ما يفعله: فلا نرى دخوله في كتم العلم؛ لأن العاصي المذكور ليس جاهلا بما يعمله، ولكن التقصير في نهيه عن المنكر لا يجوز، لأن إنكار المنكر فرض من فرائض الإسلام، وشعائره التي تواترت نصوص الكتاب والسنة بالأمر بها، والترهيب من تركها، فقد قال الله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون {آل عمران:104}، وقال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{التوبة:71}، وقال تعالى: وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {لقمان:17}.
وقد عاب الله على اليهود تقصيرهم في ذلك وذم صنيعهم، فقال: وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون {المائدة:62ـ63}، وقال تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون* كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون {المائدة:78ـ79}.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والله أعلم.