السؤال
رزقكم الله عافية تامة في الدين والدنيا والآخرة ، أصيب والد زوجتي المقيم في دمشق منذ حوالي الستة أشهر بمرض خبيث في رأسه أدى إلى إقعاده، وعجزه التام عن الحركة حتى تغمده الله في رحمته منذ أسبوع مضى.
وحيث إن زوجتي التي تقيم معي في الرياض حامل الآن في الشهر السابع، وترغب أن ترافقها والدتها أثناء ولادتها الأولى، وحيث إن الأوضاع في دمشق لا تسمح لي بتسفير زوجتي لتلد هناك ، وحيث إن موعد ولادتها سيكون ضمن فترة عدة والدتها ، هل يجيز الشرع اعتبار ولادة زوجتي ضرورة تبيح لوالدتها السفر إليها خلال فترة العدة، وإكمالها فترة العدة في منزلي، أم هل هناك من حل آخر يجيزه الشرع الحنيف.
مع جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم الفقيد ويتولى رعاية الوالدة وسلامة الوليد. والأصل تحريم سفر المحدة من عدة الوفاة ، وتحريم مبيتها خارج بيتها ـ الذي توفي زوجها عنها وهي فيه ـ حتى تنقضي عدتها، لما رواه الخمسة، وصححه الترمذي عن فريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له، فأدركهم في طرف القدوم فقتلوه، فأتاني نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي، ولم يدع نفقة ولا مالا ورثته، وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وإخوتي لكان أرفق لي في بعض شأني، قال: تحولي، فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت، فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: وأرسل إلي عثمان فأخبرته فأخذ به.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز للمعتدة أن تنشئ سفرا قريبا كان هذا السفر أو بعيدا، بل يجب عليها أن تلزم بيت الزوجية الذي كانت تسكنه، وإن كان هذا السفر لأجل الحج. انتهى.
ولا يستثنى من هذا الأصل إلا حالات الضرورة ، وليس سفر الأم المحدة لأجل شهود ولادة ابنتها من الضرورة في شيء، فقد ضبط الفقهاء الضرورة بقولهم: بلوغ الإنسان حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم . اهـ. من الموسوعة الفقهية، فأين هذا مما نحن فيه.
والحل هنا هو أن تسافر البنت إلى الأم إن أمكن ذلك، أو أن تنيب الأم من قرابتها من يقوم -بدلا عنها- برعاية البنت.
والله أعلم.