السؤال
أريد أن أعرف وصف صفة فعل النبي عليه الصلاة والسلام في الاستنجاء بالماء، وخصوصا من البول، هل ورد في السنة شيء من هذا؟ فهل كان يصب الماء أم يأخذ بيده ويمسح؟ وما الصحيح؟ وما كمية الماء المستخدمة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام؟ وكيف كان يطهر يده عليه الصلاة والسلام؟ أريد شيئا من التفصيل، والتأصيل - جزاكم الله عنا خيرا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصفة الاستنجاء الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان أحيانا يستعمل الماء للتنزه من الخارج، وربما استعمل الحجارة, وكثيرا ما جمع بينهما؛ ففي الحديث المتفق عليه عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة، يستنجي بالماء. متفق عليه.
وفي مسند الإمام أحمد، وغيره، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: مرن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط، والبول بالماء؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله. قال عنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: وسنده حسن، وتابعه قتادة، عن معاذة به؛ عند الترمذي، وغيره، وصححه. انتهى.
وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لأبي الحسن عبيد الله المباركفوري: يؤخذ منه، ومن غيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يقتصر على الماء تارة، وعلى الحجر أخرى، وكثيرا ما كان يجمع بينهما، قاله القاري، وفيه رد على من أنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء، وهو مالك، ومن وافقه. انتهى.
وكان صلى الله عليه وسلم يمسح يده بالتراب بعد الاستنجاء بالماء.
جاء في سبل السلام للصنعاني: ومن آداب الاستنجاء بالماء مسح اليد بالتراب بعده، كما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيت بماء في تور أو ركوة فاستنجى منه، ثم مسح يده على الأرض وأخرج النسائي من حديث جرير؛ قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء فقضى حاجته، ثم قال: يا جرير، هات طهورا، فأتيته بماء فاستنجى، وقال بيده فدلك بها الأرض ويأتي مثله في الغسل. انتهى.
ولم يكن صلى الله عليه وسلم يستهلك الكثير من الماء، فقد كان يستنجي من (إداوة) بكسر الهمزة أي: مطهرة، وهي إناء صغير من جلد يتخذ للماء. كما جاء في شروح الحديث.
وأما قولك: " فهل كان يصب الماء، أو يأخذ بيده ويمسح" فمثل هذا الوصف الدقيق يتعذر الوقوف عليه، ولم نقف على من ذكره.
وأفضل صفة للاستنجاء عموما هي الجمع بين الحجارة ـ أو نحوها ـ مع الماء.
جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: وقد اختلف الناس في هذه المسألة، فالذي عليه الجماهير من السلف والخلف، وأجمع عليه أهل الفتوى من أئمة الأمصار أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر، فيستعمل الحجر أولا لتخف النجاسة، وتقل مباشرتها بيده، ثم يستعمل الماء، فإن أراد الاقتصار على أحدهما، جاز الاقتصار على أيهما شاء، سواء وجد الآخر أو لم يجده، فيجوز الاقتصار على الحجر مع وجود الماء، ويجوز عكسه، فإن اقتصر على أحدهما، فالماء أفضل من الحجر؛ لأن الماء يطهر المحل طهارة حقيقية، وأما الحجر فلا يطهره وإنما يخفف النجاسة، ويبيح الصلاة مع النجاسة المعفو عنها. انتهى.
وراجع لمزيد الفتوى رقم: 161309.
والله أعلم.