سبب اختصاص اليهود بوصف المغضوب عليهم والنصارى بالضالين

0 361

السؤال

لماذا سمى الله اليهود المغضوب عليهم، والنصارى الضالين؟ هل لأن النصارى لم يكونوا يعلمون بخروج النبي صلى الله عليه وسلم في حين كان اليهود يعلمون؟ أم ماذا؟ وهل كان كل نصراني يعلم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى وصف اليهود وأخبر عنهم بأنهم مغضوب عليهم، فقال: من لعنه الله وغضب عليه {المائدة:60}. وقال تعالى: فباءوا بغضب على غضب {البقرة:90}.

ووصف النصارى بالضلال فقال: ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا {المائدة:77}.

وأما عن سبب ذلك: فقد قال الطبري في تفسيره: وكل حائد عن قصد السبيل وسالك غير المنهج القويم فضال عند العرب لإضلاله وجه الطريق، فلذلك سمى الله جل ذكره النصارى ضلالا لخطئهم في الحق منهج السبيل، وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم، فإن قال قائل: أوليس ذلك أيضا من صفة اليهود؟ قيل: بلى، فإن قال: كيف خص النصارى بهذه الصفة، وخص اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم؟ قيل: إن كلا الفريقين ضلال مغضوب عليهم، غير أن الله جل ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به إذا ذكره لهم، أو أخبرهم عنه، ولم يسم واحدا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه.... اهـ.

وفي التفسير القيم لابن القيم: انقسم الناس بحسب معرفة الحق والعمل به إلى الأقسام الثلاثة، لأن العبد إما أن يكون عالما بالحق، أو جاهلا به، والعالم بالحق إما أن يكون عاملا بموجبه أو مخالفا له، فهذه أقسام المكلفين، لا يخرجون عنها البتة فالعالم بالحق العامل به: هو المنعم عليه، وهو الذي زكى نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وهو المفلح 91: 9 قد أفلح من زكاها، والعالم به المتبع هواه هو المغضوب عليه، والجاهل بالحق: هو الضال، والمغضوب عليه ضال عن هداية العمل والضال مغضوب عليه لضلاله عن العلم الموجب للعمل، فكل منهما ضال مغضوب عليه، ولكن تارك العمل بالحق بعد معرفته به أولى بوصف الغضب وأحق به، ومن هاهنا كان اليهود أحق به، وهو متغلظ في حقهم، كقوله تعالى في حقهم 2: 90 بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب على غضب ـ قال تعالى: 5: 60 قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ـ والجاهل بالحق: أحق باسم الضلال، ومن هنا وصفت النصارى به في قوله تعالى: 5: 77 قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل ـ فالأولى: في سياق الخطاب مع اليهود، والثانية: في سياقه مع النصارى، وفي الترمذي وصحيح ابن حبان: من حديث عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون. اهـ.

وليس الحكم على النصارى بالضلال بسبب أنهم ما كانوا يعلمون بخروج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن اليهود كانوا يعلمون، لأن النصارى المطلعين على الإنجيل كانوا يعلمون ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدل له إخبار صاحب سلمان الفارسي له بذلك، وقد سبق أن سقنا بعض نصوص الانجيل في البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم في الفتويين رقم: 77017، ورقم: 111652

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة