السؤال
أنا صاحب السؤال رقم:248032، والواضح أنني لم أطرح السؤال بصورة جيدة، وسؤالي كان إضافة على الفتوى في موقعكم رقم: 121629، التي كانت عمن فعل ما يشك أنه كفر وفعله رغم شكه دون أن يسأل عالما، وهذا الأمر حيرني، وسؤالي الآن في نقاط:
1ـ فعلت ذات مرة ما أشك أنه كفر، وكنت خائفا وقلت في نفسي لا أظنه كفرا وحتى لو كان كفرا فسأنطق بالشهادة وأغتسل وأصلي، وفعلا ذهبت ونطقت بالشهادتين واغتسلت وصليت، فهل هذا رضى بالكفر؟ وإن كان كذلك، فهل توبتي صحيحة؟.
2ـ ألا يراعى أن العامي الجاهل قد يشك في أي شيء أنه كفر وذلك لأنه لا يستطيع التمييز لقلة علمه؟ ثم إنه قد يقع في الوسوسة بتخيله أن أبسط شيء قد يكون كفرا مثل وضع المصحف على الأرض في المسجد؟.
3ـ ما هو نوع الشك المقصود؟ أقصد إذا شك الإنسان في فعل أنه كفر وغلب على ظنه أنه ليس بكفر، أيجوز له أن يفعله؟.
4ـ إن فعل ما يشك أنه كفر فقد يكون فيه شيء من الرضا بالكفر، لأنه يفعله وقد يقول في نفسه أفعله، فإن لم يكن كفرا فالحمد لله، وإن كان كفرا فسأتوب وربنا يغفر لنا، أليس كذلك؟.
بارك الله فيكم فقد علمتم ووضحتم وبينتم الكثير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك السوء ويهديك لأرشد أمرك، فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما وأضر بك ضررا بالغا وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتوى رقم: 51601 .
وسؤالك السابق الذي أجبنا عنه في الفتوى رقم: 248032، كان واضحا بصورة جيدة، وواضحا أنك تعاني من الوسوسة ولو لم تصرح بذلك.
وقد ذكرنا لك ما ذكره شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ من أن من دخل في الإسلام بيقين، لا يخرج منه إلا بيقين، حيث قال: ليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن يثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. انتهى.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى: وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيرا مما يبعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر، ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان وكان حديث العهد بالإسلام فأنكر شيئا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول. انتهى.
فما ذكرته من أنك كنت شاكا في أمر ما، مع خوفك من الوقوع في الكفر يفيد أنك لم تكفر، ولم ترض بالكفر، وإنما هي وساوس الشيطان.
والله أعلم.