السؤال
لماذا ابتدأت سورة الروم بـ(ألم)؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد افتتحت سورة الروم بالأحرف المقطعة "ألف، لام، ميم"، كغيرها من سور القرآن الكريم، التي افتتحت بهذه الحروف، وقد افتتح الله عز وجل تسعا وعشرين سورة من كتابه بهذه الحروف.
وهذا من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم؛ فهي إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف، والنطق بهذه الأحرف في متناول المخاطبين به من العرب، ولكنهم لا يستطيعون أن يصوغوا من تلك الحروف مثل هذا القرآن.
وقد ألف العرب - قديما وحديثا- من لغتهم الخطب البليغة، ونظموا القصائد الرنانة، ودبجوا المقالات الفصيحة، ولو قارنت ذلك بكتاب الله عز وجل؛ لرأيت العجب العجاب، والفرق الشاسع، فشتان ما بين الثرى والثريا.
شتان ما بين كلام الله عز وجل وكلام البشر! فكلام الله يشع بالنور، وينبض بالحيوية، ولو وضعت جملة منه بين أفصح كلام قالته العرب؛ لميزها أبسط الناس، وهذا ما شهد به ألد أعداء الإسلام قديما وحديثا، وصدق الله العظيم، حيث يقول: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا {الإسراء:88}.
وسورة الروم بعد افتتاحها مباشرة، جاءت بنبوءة صادقة، ومعجزة باهرة، وهي الإخبار عن غلبة الروم لفارس في بضع سنين، وكان هذا من المستحيل عند العرب في ذلك الوقت، ولكمال إيمان الصحابة -رضي الله عنهم-، وثقتهم بوعد الله الصادق، راهن أبو بكر -رضي الله عنه- المشركين على ذلك، فتحقق وعد الله تعالى، فأخذ أبو بكر الرهان، وكان ذلك قبل تحريم القمار، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون {الروم:6}.
والله أعلم.