تأويل قوله تعالى: يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ

0 162

السؤال

هل يوجد حديث صحيح صريح نص في أن عيسى عليه السلام في السماء "حي يرزق" في السماء,,
ثم ينزل آخر الزمان ليقتل الدجال
لأن الآيات صريحة بوفاته عليه السلام.. أو هناك حديث صريح في حياته في السماء ؟
وهل نستطيع أن نقول أنه عليه السلام توفاه الله ورفعه إلى السماء فإذا جاء وقت نزوله أحياه الله ليقتل المسيح الدجال ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسيح عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ حي في السماء الآن بالإجماع ، وسينزل آخر الزمان فيقتل الدجال وغير ذلك، وقد سبق بيان الأدلة على ذلك في الفتويين رقم: 26317، ورقم: 93512.

وأما الآيات الواردة بشأن وفاته فليست صريحة في أنه قد مات، بل اختلف المفسرون في معناها، وجمهورهم على أنها وفاة نوم لا موت، قال ابن كثير: اختلف المفسرون في قوله: إني متوفيك ورافعك إلي ـ فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك، يعني بعد ذلك، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك ـ أي: مميتك، وقال محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه، قال: توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه، قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه، وقال إسحاق بن بشر عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه، وقال مطر الوراق: متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت، وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه، وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا: النوم.

وذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ثلاثة أوجه في ذلك:

الأول: أن قوله تعالى: متوفيك ـ لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على كونه قد مضى وهو متوفيه قطعا يوما ما، ولكن لا دليل على أن ذلك اليوم قد مضى، وأما عطفه: ورافعك ـ إلى قوله: متوفيك ـ فلا دليل فيه لإطباق جمهور أهل اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك...

الوجه الثاني: أن معنى: متوفيك ـ أي: مميتك: ورافعك إلي ـ أي : في تلك النومة، وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله: وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار{6ـ6} وقوله: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها {39ـ 42} وعزا ابن كثير هذا القول للأكثرين، واستدل بالآيتين المذكورتين، وقوله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا..... الحديث.

الوجه الثالث: إن: متوفيك ـ اسم فاعل توفاه إذا قبضه وحازه إليه، ومنه قولهم: توفى فلان دينه، إذا قبضه إليه، فيكون معنى: متوفيك ـ على هذا قابضك منهم إلي حيا، وهذا القول هو اختيار ابن جرير، وأما الجمع بأنه توفاه ساعات أو أياما ثم أحياه، فالظاهر أنه من الإسرائيليات، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تصديقها وتكذيبها. من دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب بتصرف.

وعلى هذا، فلا يصح القول بأن الله سيحيي عيسى ـ عليه السلام ـ لينزل إلى الأرض، لأنه حي الآن، وانظر الفتويين رقم: 29269، ورقم: 9992.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات