السؤال
هل يجوز شراء بضاعة ودفع ثمنها ثم بيعها في نفس الوقت بالقسط؟ وهل يجوز إنابة المشتري مني بالقسط بالشراء ثم بيعها لنفسه وأقبض أنا المبلغ على أقساط؟
هل يجوز شراء بضاعة ودفع ثمنها ثم بيعها في نفس الوقت بالقسط؟ وهل يجوز إنابة المشتري مني بالقسط بالشراء ثم بيعها لنفسه وأقبض أنا المبلغ على أقساط؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن اشترى سلعة ثم قبضها جاز له أن يبيعها بالتقسيط، وقد سبق بيان حكم البيع بالتقسيط والشروط اللازمة لصحة ذلك في الفتوى رقم: 1084 فليرجع إليها.
وأما من وكل من يشتري له سلعة فاشتراها ثم قبضها هل يجوز أن يوكله ليبيع لنفسه تلك السلعة؟ للجواب عن هذا نقول: هذه هي المسألة المعروفة عند العلماء بقولهم: الوكيل بالبيع هل يجوز أن يشتري لنفسه؟.
وهي محل خلاف بينهم والجمهور على المنع في حالة الوكالة المطلقة - أي إذا قال له: وكلتك لتبيع هذه السلعة، ولم يقيدها بفلان، أي لم يقل له: بعها لفلان أو لك، فالأولى مطلقة وهذه مقيدة- .
قال صاحب الإنصاف من الحنابلة: ولا يجوز للوكيل في البيع أن يبيع لنفسه. هذا المذهب وعليه الجمهور.
قال ابن قدامة في المغني: وحكي عن مالك والأوزاعي جوازه. انتهى
وعللوا المنع من ذلك بعلل ثلاث:
الأولى: أن العرف في البيع بيع الرجل من غيره فحملت الوكالة عليه كما لو صرح به فقال: بعه من غيرك.
الثاني: لحاق التهمة للوكيل وتنافي الغرضين في بيعه من نفسه فلم يجز كما لو نهاه عن ذلك.
الثالثة: عدم انتظام الإيجاب والقبول شخص واحد.
هذا كله إذا كانت الوكالة مطلقة، لكن إن أذن له أن يبيع من نفسه فهل يجوز أم لا ؟
خلاف بينهم، منهم من أجاز ومنهم من منع.
ففي الفتاوى الهندية - على مذهب الحنفية- : ولو أمره أن يبيع من نفسه أو يشتري لم يجز. وفي تحفة المحتاج شرح المنهاج - على مذهب الشافعية - : ولا يبيع لنفسه وإن أذن له، وقدر له الثمن ونهاه عن الزيادة. ومثله في نهاية المحتاج للرملي، فهذا هو معتمد مذهب الشافعية، ولهم وجه بجوازه مع الإذن.
قال جلال الدين المحلي في شرح المنهاج: ولو أذن له الموكل في البيع لنفسه أو ابنه الصغير صح بيعه لهما في وجه. وهذا هو مذهب الحنابلة. قال في الإقناع: ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله إلا بإذنه - قال البهوتي في شرحه للإقناع لهذه اللفظة: بأن أذن له في البيع من نفسه أو الشراء منها فيجوز لانتفاء التهمة، فيصح تولي طرفي عقد فيهما" انتهى.
وبعد هذا العرض لأقوال الفقهاء نقول: الذي يترجح لدينا قول من قال بالجواز عند الإذن خاصة إذا حدد له الثمن، فإن التهمة منتفية، وهي التي لأجلها منع أن يكون الموجب والقابل واحدا، فإذا زالت التهمة زال معها هذا المانع.
قال الزركشي رحمه الله في المنثور في القواعد الفقهية: إذا وكله في البيع وأذن له في البيع من نفسه وقدر الثمن ونهاه عن الزيادة، ففي المطلب أنه ينبغي أن يجوز، إذ اتحاد الموجب والقابل إنما يمنع لأجل التهمة بدليل الجواز في حق الأب والجد. انتهى
والله أعلم.