السؤال
إحدى الممثلات في أحد الأفلام قالت: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إذا خلا رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما، وقالت: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: الشيطان ثالثهما، ولم يقل الشيطان غلبهما، فيباح للأنثى الخلوة مع رجل ماداما واثقين من نفسيهما وإيمانهما. فما رد سيادتكم بالله عليكم، هل كلامها صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج الترمذي وأحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان . وصححه ابن حبان والحاكم .
وتأويل الحديث بما نقل في السؤال تأويل واه ، لا يعدو كونه عبثا بالنصوص واجتراء عليها دون بينة ، فالحديث عام في جميع الرجال والنساء ، لأن (رجل) و (بامرأة) نكرات في سياق النهي ، وهذا من صيغ العموم ، فالحديث يشمل جميع الرجال والنساء، سواء كانوا مؤمنين واثقين بأنفسهم أم ليسوا كذلك .
قال المناوي : (إلا كان الشيطان ثالثهما) بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه، والنهي للتحريم .اهـ. من فيض القدير .
وليعلم أن تحريم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية قد وردت به أحاديث عدة غير الحديث السابق ، وهو محل إجماع بين العلماء .
فعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب، إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم أخرجه مسلم .
وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: لا يدخلن رجل، بعد يومي هذا، على مغيبة، إلا ومعه رجل أو اثنان أخرجه مسلم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم، متفق عليه . وفي لفظ : عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم قال ابن حجر : فيه منع الخلوة بالأجنبية وهو إجماع .اهـ.
وقال النووي : وفي هذا الحديث - حديث جابر - والأحاديث بعده تحريم الخلوة بالأجنبية، وإباحة الخلوة بمحارمها، وهذان الأمران مجمع عليهما .اهـ.
والمعارضات التي توردها النفوس على النصوص الشرعية لا حد لها ، قال ابن تيمية : المعارضات الفاسدة التي يمكن أن يوردها بعض الناس على الأدلة لا نهاية لها، فإن هذا من باب الخواطر الفاسدة، وهذا لا يحصيه أحد إلا الله تعالى. اهـ من درء التعارض .
فلا ينبغي للمسلم أن يفزع لكل شبهة يسمعها، ويتطلب جوابا خاصا عنها .
والله أعلم.