التحذير من إيذاء الجار والاطلاع على عوراتهم

0 268

السؤال

‏ السؤال عن حالتي: حالتي يا ‏مشايخنا الكرام هي: أنا مطلقة، وأسكن مع والدتي المطلقة، وجدتي المتوفى ‏زوجها، وبنت خالي.‏
‏ سؤالي هو: بيتنا فيه حوش (يعني ‏مساحة مفتوحة في وسطه) لدينا ‏جار بجنبنا، لديه شباب فيهم فسق، ‏ومجون. يتكلمون ببذاءة لسان، ‏ويسمعون الأغاني الماجنة-هداني ‏الله، وإياهم-أرادوا ترميم بيتهم، فلم ‏يخبرونا حتى سمعناهم صباحا ‏يضربون بأدوات البناء، قلنا: لا ‏حرج، فلربما يصنعون بيتهم، صبرا ‏جميلا. حتى إنهم للأسف ضربوا ‏الجدار الفاصل بيننا وبينهم. دخلت ‏بنت خالي، فوجدت الحجر في ‏غرفتها ساقطا على الأرض، والله لو ‏كان أحد نائما في ذلك المكان فإما أن ‏نأخذه للمستشفى، أو نقول رحمة الله ‏عليه. ولكن الحمد لله ربي سترنا من ‏الموت.‏
‏ والأمر الثاني: أنه ربما يرانا الرجال ونحن في الغرفة، نساء في بيتنا، ‏فلربما نغير ملابسنا، ونحن لا نعلم -‏عافانا الله من هتك الستر-المهم ‏الغرفة أصبحت مكشوفة، وجدتي ‏المسكينة عمرها 94 عاما، مرضت ‏في ذلك اليوم، وبكت؛ لأن خالي لا ‏يسأل عنا إلا من العام إلى العام.
‏اتصلت أنا بخالتي، وأخبرتها. جاء ‏زوج خالتي مغضبا عليهم، وصعد ‏بالسلم إليهم دون سابق إنذار.
جاء ‏ابنهم يجري يطلب السماح من جدتي، ‏وقالها أنا لم أقصد، ولكن أعدك ‏إذا أكملنا البناء، سآتي وأصلح الفراغ ‏بينا وبينكم. هذا ابن جار طبعا. ‏‏المهم لا زال لحد الآن الفراغ بينا ‏وبينهم، وبنت خالي تنام في تلك ‏الغرفة، وتغير ملابسها هناك. قلت ‏لبنت خالي: اتقي الله، وغيري مكانك، والله لا تأمني الرجال الأجانب، فلم تعر اهتماما لكلامي. ‏المهم غضبت عليهم ‏عندما ذهبوا لزوج خالتي-الذي ‏ذكرته لكم-عندما جاء من العمرة. ‏وغضبوا علي هم أيضا: كيف لا ‏تأتين، وتباركين له! قلت لوالدتي: إنه ‏ليس من محارمي. قالت: أنت ‏تريدين قطع الرحم. وبعد تصالحنا، ‏ولا زلت مصرة على أنه ليس من ‏محارمي. فلا أغضب رب العالمين، ‏على حساب رضى الناس. أسأل الله ‏الثبات، تركوني لوحدي، فأنا كنت ‏أعامله مثل أخوالي، ولكن سألت ‏المشايخ، وقالوا لي إنه ليس محرما ‏لك، ولا يجوز أن تكشفي حتى ‏وجهك أمامه. فلم أذهب معهم. ‏
‏ المهم بعد القيلولة، جيراننا- الذين ‏ذكرتهم لكم- صعدوا بعد الانتهاء من ‏البناء في الأسفل، ولم يخبرونا حتى ‏والله.
وفي اليوم الثاني تطور الأمر عندما تركوني في البيت وحدي، وجدتهم ‏فوق بيتنا بلا استئذان، وبدؤوا ‏يتكلمون عن النساء بكلام بذيء ‏بينهم. لما أخبرت أمي، قال لهم ‏خالي: عادي. والله لم يأت، ولم يسأل، لم ير ‏المشكلة. حسبنا الله ونعم الوكيل.‏
‏ قلت لجدتي: غطي البيت بالسقف. ‏قالت: لا أستطيع؛ لأن البيت بيت ‏الورثة. ‏
أمي لديها مسكن خاص بها ملكها ‏في عمارة.‏
‏ فهل أذهب وأسكن فيه وحدي، والله ‏أنا معرضة للفتنة، والشبهة، ووالله ‏ما نزعت جلبابي، ولا نقابي في ‏ساحة البيت بعد ما رأيت بأم عيني ‏رجلا أجنبيا واقفا وأنا متبرجة في ‏بيتي، والحمد لله أن الله سترني، لم ‏يرني، كنت في الجانب.‏
‏ أجيبوني ما الحل بالله عليكم.‏
‏ ردوا علي اليوم؛ لأني قد جمعت ‏أغراضي، وأنوي بإذن الله أن ‏أهجرهم هجرا جميلا، لعل وعسى ‏ربي يهديني ويهديهم.‏
بيت والدتي مغطى في عمارة.‏
‏ ردوا علي بما يرضي الله ‏اليوم، بالله عليكم، بالله عليكم. ‏
طيب، وإذا توفيت والدتي وأنا لا زلت ‏حية-أسأل الله أن يطيل في عمري، ‏وعمرها على طاعته-لمن ينتقل ‏البيت؟
‏ أنا البنت الوحيدة عندها من طليقها، ‏علما أن والدي تنازل عني قضائيا ‏بعد زواجي. قال لا تتصلوا بي مرة ‏أخرى.‏
‏ بالله عليكم ردوا علي ما الحل.‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد:‏
‏ فسنجمل الكلام على ما أوردت ‏بسؤالك في جملة نقاط، وهي:‏
النقطة الأولى: حق الجار عظيم، ‏جاء في الشرع بيانه بوضوح، وعلى ‏أتم وجه، وقد ضمنا الفتوى رقم: ‏‏46583 بعض النصوص في ذلك، ‏فراجعيها. فيحرم على جيرانكم ‏إيذاؤكم بأي نوع من الأذى. ومن ‏حقهم عليكم مناصحتهم بالمعروف، ‏وتذكيرهم بالله تعالى وأليم عقابه، إن ‏صدر عنهم أمر منكر؛ وانظري ‏الفتوى رقم: 38409.‏
النقطة الثانية: إذا تمادى الجار في ‏غيه، ولم ينفعه النصح، فلينظر في ‏هجره، إن رجي أن ينفعه الهجر، ‏وأما إن كان يخشى أن يزيده طغيانا، ‏فالأولى السعي في تأليف قلبه، ‏فالهجر يرجع فيه للمصلحة؛ كما هو ‏مبين في الفتوى رقم: 21837.‏
النقطة الثالثة: إذا كان هذا الفراغ ‏بينكم وبين جيرانكم لا يزال مكشوفا. ‏فلماذا لا يكون منكم سعي في جعل ‏ساتر بينكم وبينهم، ولو مؤقتا حتى ‏يكملوا ما يقومون به من عمل، ‏فنحسب أن الأمر في هذا يسير.‏
النقطة الرابعة: على أهل بيتكم ‏الحرص على الحشمة، والستر ما دام ‏المكان مكشوفا. فلا يجوز للمرأة أن ‏تبدي أمام الأجنبي ما لا يجوز لها ‏إبداؤه.‏
النقطة الخامسة: زوج الخالة ليس ‏بمحرم للمرأة، ولكن زيارته مع ‏أهلك لتهنئته بالعمرة، لا تستلزم ‏كشف وجهك أمامه، أو مصافحته ‏ونحو ذلك مما لا يجوز بين ‏الأجنبيين.‏
النقطة السادسة: إذا أذنت لك أمك ‏بالذهاب إلى بيتها والسكن فيه، ‏وكان البيت في مكان آمن، لا ‏تتعرضين فيه للفتنة أو للتهمة، فلا ‏حرج عليك في الذهاب إليه.‏
النقطة السابعة: لا ندري كيف تنازل ‏أبوك عنك قضائيا، وعلى كل تقدير ‏فالبنوة ثابتة بينك وبينه، وكذلك ما ‏يمكن أن يترتب عليها من ميراث أو ‏غيره. وكذا الحال بالنسبة لميراثك ‏من أمك. فلو قدر أن ماتت أمك قبلك، ‏وزع المال على ورثتها، ويمكن ‏عندها حصر الورثة، وتحديد نصيب ‏كل واحد منهم.‏
‏ وننصح بالسعي في الإصلاح بينكم ‏وبين أبيكم، ففي الإصلاح خير كثير، ‏وفي القطيعة شر مستطير، وراجعي ‏الفتوى رقم: 50300.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة