السؤال
لا أعرف من أين أبدأ, فالموضوع صعب, وهو بخصوص علاقة الرجل بالمرأة: أنا في سن الشباب والحمد لله أنعم الله علي بالهداية: لدي مجموعة من الصديقات, وإن جاز القول فإنهن أخواتي، وسأشرح لكم العلاقة بيننا باختصار شديد: نتكلم في المواضيع العامة سواء اجتماعية أو دينية, ولا شك أنه يوجد كلام خاص بخصوص مشكلة تخص إحداهن سواء اجتماعية أو دينية, فالمكالمة تدور على معرفة الآراء في القضايا التي نعيشها, وأيضا يوجد كلام يتخللة المزاح والضحك, وخلاصة القول فإن كلامي معهن مثل كلامي مع رجل في نفس القضايا, والله يعلم أنها في حدود الآداب العامة، فالفتاوى تقول بالتحريم إلا عند الضرورة, ولكن الأصل في الكلام الإباحة, ولكن لوجود قاعدة سد الذرائع عند أهل العلم فكل الفتاوى تقول بالتحريم المطلق إلا عند الضرورة والضرورة القصوى، فإذا افترضنا أن رجلا وامرأة تكلما في حدود الآداب عن طريق الموبايل أو الشات مما لا يفضي إلى الحرام..... فكيف يكون حراما؟ وهل في نظر أهل الشرع يأثمان على كلامهما الذي لم يكن فيه أي شيء؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الرجال والنساء الأجنبيات تحت مسمى الصداقة والأخوة، باب فتنة وذريعة فساد وشر، ولا عبرة بدعاوى حسن النية وصلاح القصد، فالفتنة بالنساء شديدة، وقد خاطب الله عز وجل صفوة رجال ونساء هذه الأمة، بقوله: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن { الأحزاب: 53}.
قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله: فلا يقل أحد غير ما قال الله، لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك.. إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين، لا يقل أحد شيئا من هذا والله يقول: وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.. يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات، أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولا، ويقول خلق من خلقه قولا فالقول لله سبحانه، وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقول الله.
ولذلك، نص أهل العلم على عدم جواز الكلام مع الشابة الأجنبية دون حاجة، قال العلامة الخادمي ـ رحمه الله ـ في كتابه: بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة، لأنه مظنة الفتنة.
وأما قولك إن بعض الرجال قد يتكلم مع النساء ثم لا يفضي ذلك إلى أمور محرمة، فكيف يكون هذا الكلام محرما؟ فاعلم أن الشرع منع هذه العلاقة لكونها مظنة الوقوع في الحرام، ووجود المظنة يكفي لبقاء حكم الشرع، ولا يشترط لبقاء الحكم الشرعي تحقق الحكمة منه، فهناك فرق بين الحكمة والعلة التي يناط بها الحكم الشرعي، يقول الدكتور عبد الكريم النملة: فيكون الفرق بينها ـ الحكمة ـ وبين العلة: أن العلة هي الوصف الظاهر المنضبط الذي جعله الشارع مناطا لثبوت الحكم، حيث ربط الشارع به الحكم وجودا وعدما بناء على أنه مظنة لتحقيق المصلحة المقصودة للشارع من شرع الحكم، أما الحكمة فهي: المصلحة نفسها، ولذلك فإنها تتفاوت درجاتها في الوضوح والانضباط، فمثلا: أباح الشارع للمسافر قصر الصلاة، وعلل ذلك: بالسفر، حيث لا يختلف باختلاف الأفراد، ولا الأحوال فهو ظاهر منضبط وهو مظنة للمشقة.
فاتق الله وقف عند حدوده، واقطع علاقتك بهؤلاء النسوة، واحذر من تلبيس الشيطان واتباع خطواته، واعلم أن السلامة لا يعدلها شيء.
والله أعلم.