السؤال
لدي أخت قتلت عمدا من زوجها، وهي مطلقة منذ ثلاثة أشهر، ولها خمسة أطفال؛ أربع إناث وذكر واحد، أعمارهم دون العاشرة، وليس لديها إخوة غيري، ولديها أختان اثنتان، والوالدان متوفيان، وليس لديها أعمام على قيد الحياة، ما تبقى من العصبة هم أولاد العم.
سؤالي لكم أولا: لمن تكون ولاية الدم. وثانيا: لمن تكون الدية؟ وهل تعامل معاملة التركة؟ الثالث: ما هو واجبي أمام الله بالنسبة لأبناء المرحومة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
فولي الدم في القصاص هم الورثة في قول جمهور أهل العلم ، وذهب بعضهم إلى أنه خاص بالعصبة بالنفس فقط ، قال ابن قدامة في المغني: فالقصاص حق لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب، والرجال والنساء، والصغار والكبار، فمن عفا منهم صح عفوه، وسقط القصاص، ولم يبق لأحد إليه سبيل. هذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم عطاء، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي. وروي معنى ذلك عن عمر، وطاووس، والشعبي. وقال الحسن، وقتادة، والزهري، وابن شبرمة، والليث، والأوزاعي: ليس للنساء عفو، والمشهور عن مالك، أنه موروث للعصبات خاصة. وهو وجه لأصحاب الشافعي؛ لأنه ثبت لدفع العار، فاختص به العصبات. كولاية النكاح. اهــ .
وعلى قول الجمهور فإن الذي يلي دم أختك هو ابنها وبناتها ، وأما أنت فلست من أولياء الدم مع وجود الابن حتى على قول الإمام مالك . وإذا كان القصاص في يد أولاد القاتل سقط القصاص أيضا وليس لهم حق في استيفائه من أبيهم ، قال ابن قدامة في المغني :
ولو قتل أحد الأبوين صاحبه، ولهما ولد، لم يجب القصاص؛ لأنه لو وجب لوجب، لولده، ولا يجب للولد قصاص على والده؛ لأنه إذا لم يجب بالجناية عليه، فلأن لا يجب له بالجناية على غيره أولى، وسواء كان الولد ذكرا أو أنثى، أو كان للمقتول ولد سواه، أو من يشاركه في الميراث، أو لم يكن؛ لأنه لو ثبت القصاص، لوجب له جزء منه، ولا يمكن وجوبه، وإذا لم يثبت بعضه، سقط كله؛ لأنه لا يتبعض. وصار كما لو عفا بعض مستحقي القصاص عن نصيبه منه. ... اهــ
وقال الإمام النووي في المجموع :
وإن قتل زوجته وله منها ابن لم يجب عليه القصاص، لأنه إذا لم يجب له عليه بجنايته عليه فلا يجب له عليه بجنايته على أمه . اهــ .
وإذا سقط القصاص ثبتت الدية بدلا عنه ، جاء في الموسوعة الفقهية : إذا وجد ما يمنع القصاص، فتجب الدية بدلا عنه .... اهــ .
وجاء فيها : " إذا ورث الولد القصاص من أحد الأبوين على الآخر يسقط القصاص وتجب الدية" .
ومن المعلوم أن الدية تكون للورثة يقسمونها بينهم القسمة الشرعية في الميراث ، وأما واجبك تجاه أولاد أختك فهو صلتهم بالمعروف لما بينك وبينهم من الرحم.
والله تعالى أعلم.