السؤال
كانت تربيتي قاسية من أبي حيث كان يضربني ويهينني، مررت بظروف ومواقف كثيرة لم أكن مستعدا لها فجعلت مني جبانا ذا شخصية ضعيفة بدون شجاعة، وخوفي كثير، وسؤالي هو: ما ذنبي؟ ولماذا لم يجعلني الله شجاعا مقداما لا أهاب سواه؟ وهدفي أن أكون شجاعا جدا، فلماذا جعلني الله جبانا مع أنني دائما على طاعته وتقواه وعلى بر الوالدين؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قسم الأرزاق والأخلاق بين الناس، كما في الحديث: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب. رواه الحاكم في المستدرك، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح الإسناد.
ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من أحب، فمن ضن بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده فليكثر من قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وهو سبحانه عدل في تقسيمه للأرزاق، ولا ينبغي السؤال بطريقة لم لم يجعلني؟ فإن العباد لا حق لهم على الله تعلى يستوجبون به فضلا أو إحسانا، بل ما أعطاه إياهم فهو محض فضله ورحمته، وما منعه إياهم فلعدله وحكمته، فأفعال الله سبحانه دائرة بين الفضل والعدل والحكمة والرحمة، ولقد أحسن من قال:
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع.
وقال ابن القيم في نونيته:
ما للعباد عليه حق واجب هو أوجب الأجر العظيم الشأن
كلا، ولا عمل لديه ضائع إن كان بالإخلاص والإحسان.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 151779.
وأما اكتساب الشجاعة: فهو أمر ممكن، وأهل التقوى هم أولى الناس به، فمن كان ذا ثقة بالله تعالى ويعلم أنه لا يحصل شيء الا بقدر الله تعالى ولا يصيبه من الضرر إلا ما كتب الله تعالى له، فإنه يسهل عليه اكتساب الشجاعة ولا سيما إذا عود نفسه ودربها على اقتحام ما يخشاه بعد التروي والنظر فيما يقدم عليه، وينبغي أن يواظب على الدعاء المأثور في الاستعاذة من الجبن وهو: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الرجال. رواه النسائي.
والله أعلم.