أحوال الدعاء بعد الفريضة، وحكم الانصراف قبل الإمام

0 342

السؤال

قرأت في مطوية أن من الأخطاء ‏الشائعة في الصلاة: الدعاء بعد ‏الفريضة. الانصراف قبل الإمام.
‏أرجو توضيح حكم ذلك.‏
‏ هل تجوز الاستفادة من المسجد ‏القديم، بعد أن تم بناء مسجد جديد، ‏بجوار القديم، واستغلاله للسكنى، ‏وممارسة الحياة الطبيعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فأما الدعاء بعد الفريضة فإنه يقع على صور:
1: أن يدعو بالأدعية الواردة في السنة، من جملة الأذكار بعد الفريضة كالاستغفار، ودعاء: ( اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك ) وكدعاء: ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ) فهذه الأدعية جاءت بها السنة بعينها.

2 : أن يدعو بغير الأدعية الواردة في الأذكار، فهذا لا بأس به، لكن لا يكون جماعيا، ولا برفع اليدين.

  جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الدعاء بعد الصلاة مع الإمام بصوت جماعي، أو الإمام يدعو والمأمومون يؤمنون على دعائه ذلك- بدعة، لا يجوز. أما دعاء كل شخص لنفسه منفردا، وبلا رفع صوت، فلا بأس به.
وجاء فيها أيضا: ليس الدعاء بعد الفرائض بسنة إذا كان ذلك برفع الأيدي، سواء كان من الإمام وحده، أو المأموم وحده، أو منهما جميعا، بل ذلك بدعة؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، أما الدعاء بدون ذلك، فلا بأس به؛ لورود بعض الأحاديث في ذلك. اهــ.
 والأفضل أن يدعو بعد الأذكار المشروعة لا قبلها.

  قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: إذا أتيت بالأذكار تدعو بعد السلام أيضا بينك وبين نفسك، بينك وبين ربك، بعد الذكر من دون رفع يدين. اهــ.
ويرى بعض العلماء أن ترك الدعاء بعد الفريضة أولى، وأن المداومة عليه بدعة سواء قبل الأذكار أو بعدها.

  قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: أقول إن المحافظة على الدعاء بعد الفريضة، والنافلة كلتيهما ليس بسنة، بل هو بدعة؛ لأن المحافظة عليه يلحقه بالسنة الراتبة، سواء كان قبل الأذكار الواردة بعد الصلاة أم بعدها، وأما فعله أحيانا فأرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان الأولى تركه ... اهــ.
وقال أيضا: الدعاء بعد الصلاة: فالمشروع بعد الصلاة هو الذكر؛ لقول الله تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) ولا يشرع الدعاء إلا فيما قصد به تنقية الصلاة مثل الاستغفار ثلاثا بعد السلام مباشرة ... اهــ.
وأما الانصراف قبل الإمام. فجوابه أن انصراف الإمام يطلق على أمرين:
أولهما: سلامه من الصلاة، فيحرم على المأموم أن ينصرف قبل الإمام بهذا المعنى، أي يحرم عليه أن يسلم قبل سلام الإمام؛ لحديث:  فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف. رواه مسلم.

 قال النووي في شرح مسلم: والمراد بالانصراف السلام .. اهــ.
ثانيهما: تحوله عن جهة القبلة بعد سلامه من الصلاة، وهنا يستحب للمأموم أن لا يقوم حتى يتحول الإمام عن جهة القبلة؛ لأنه ربما كان على الإمام سجود سهو.

  قال ابن قدامة في المغني: ويستحب للمأمومين أن لا يثبوا قبل الإمام؛ لئلا يذكر سهوا فيسجد. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني إمامكم، فلا تبادروني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف. رواه مسلم، والنسائي، ولفظ مسلم: فلا تسبقوني. فإن خالف الإمام السنة في إطالة الجلوس مستقبل القبلة، أو انحرف، فلا بأس أن يقوم المأموم ويدعه. اهــ.

وجاء في تحفة المحتاج: وأن يمكث المأموم في مصلاه حتى يقوم الإمام من مصلاه، إن أراده عقب الذكر، والدعاء إذ يكره للمأموم الانصراف قبل ذلك، حيث لا عذر له. اهــ.

وأما الاستفادة من المسجد القديم. فإن المسجد وقف لا يجوز استغلاله في غير ما وقف له. هذا هو الأصل، ولكن جوز بعض الفقهاء إبدال المسجد القديم بمسجد آخر إذا وجدت مصلحة، ويجوز حينئذ استغلال المسجد القديم في غير ما وقف له.

  قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقد جوز أحمد بن حنبل إبدال مسجد بمسجد آخر للمصلحة، كما جوز تغييره للمصلحة، واحتج بأن عمر بن الخطاب أبدل مسجد الكوفة القديم بمسجد آخر، وصار المسجد الأول سوقا للتمارين .. اهــ.

 والذي ينظر في هذا هو الناظر، أو وزارة الأوقاف.
 والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة