السؤال
هل هذا الحديث صحيح: "أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار"؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه قطعة من الحديث المشهور عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أخرجه عنه جماعة منهم ابن خزيمة في صحيحه، وابن شاهين في فضائل رمضان، والبيهقي في الشعب وفي فضائل الأوقات.
وبوب له ابن خزيمة بقوله: (باب فضائل شهر رمضان، إن صح الخبر.) ولفظه عنده: عن سلمان قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا. من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه. وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء". قالوا: ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم. فقال: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن. وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. من خفف عن مملوكه غفر الله له، وأعتقه من النار. واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه. وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار.
ومن أشبع فيه صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة.
فقول ابن خزيمة في تبويبه للحديث:"إن صح الخبر، يفهم منه أنه لم يجزم بصحته.
وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي في (السنن والأحكام):هو من رواية علي بن زيد بن جدعان. وعلي بن زيد، فقد تكلم فيه جماعة من العلماء: فقال الإمام أحمد ويحيى بن معين: ليس بشيء. وقال خ (البخاري): لا يحتج به. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة: حديث خز (صحيح ابن خزيمة) هب (يعني شعب الإيمان للبيهقي): " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ... " الحديث. خز: في الصيام: ثنا علي بن حجر ، ثنا يوسف بن زياد، ثنا همام، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عنه، به. وقال: إن صح الخبر. رواه البيهقي في (الشعب) من طرق: عن علي بن حجر، بهذا الإسناد. ومن طريق أخرى: عن عبد الله بن بكر السهمي، عن إياس بن عبد الغفار، عن علي بن زيد. والأول أتم، ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف. وأما يوسف بن زياد فضعيف جدا. وأما إياس بن عبد الغفار فما عرفته. انتهى.
وقال العيني في عمدة القاري: ولا يصح إسناده، وفي سنده إياس. قال شيخنا: الظاهر أنه ابن أبي إياس. قال صاحب (الميزان) إياس بن أبي إياس عن سعيد بن المسيب لا يعرف، والخبر منكر. اهـ.
وضعف الحديث الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة، وقال: منكر.
وهذا الجزء المسؤول عنه من الحديث أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق، وابن عساكر في تاريخ دمشق، والعقيلي في الضعفاء الكبير من حديث أبي هريرة بلفظ: أول شهر رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع، وقال عنه في السلسة الضعيفة: منكر.
والله أعلم.