هل ينقص أجر جمعة المأموم إذا خرج قبل الإمام؟

0 286

السؤال

هل صحيح أن المسلم إذا أراد أن يحصل على أجر الجمعة كاملا فعليه أن يبقى في المسجد بعد انتهاء الصلاة إلى أن يقوم الإمام من المحراب، ويتحرك عنه؟ وهل لهذا أصل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ورد أن أجر الجمعة يفوت، أو ينقص بالعبث، وبالكلام وعدم الإنصات أثناء الخطبة، والتأخر عنها، جاء في الصحيحين، وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب فقد لغوت، ومن مس الحصى فقد لغا.

وفي رواية لغيرهما: ومن لغا فلا جمعة له ـ أي: كاملة الأجر، جاء في الحاوي الكبير في الفقه الشافعي للماوردي: تشديد في سقوط الثواب.

وروى ابن حبان، وغيره، عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس إلى جنب أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ فسأله عن شيء فلم يرد عليه أبي، فظن ابن مسعود أنها موجدة، فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته، قال ابن مسعود: يا أبي، ما منعك أن ترد علي؟ قال: إنك لم تحضر معنا الجمعة، وفي رواية: إنك لم تجمع، قال: لم؟ قال: تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام ابن مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: صدق أبي، صدق أبي، أطع أبيا.

وفي رواية: مالك من جمعتك إلا ما لغوت.

قال ابن عبد البر في التمهيد: وأما قوله: مالك من جمعتك إلا ما لغوت، وقول من قال: لا جمعة له، فهذا محمله عندنا على أنه ليس له ثواب من صلى الجمعة وأنصت، لا أنه أفسد الكلام صلاته وأبطلها.

وقال صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد، فكتبوا من جاء إلى الجمعة، فإذا خرج الإمام طوت الملائكة الصحف، ودخلت تستمع الذكر. رواه أحمد، وغيره، وأصله في الصحيحين.

قال الحافظ في الفتح: المراد صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة.

وأما فوات الأجر، أو نقصه بخروج المأموم قبل خروج الإمام من المحراب: فلم نقف له على دليل، وإنما ذكر أهل العلم استحباب أن لا ينصرف المأموم قبل الإمام ما لم يحصل تطويل من الإمام، وأن السنة ألا يستمر الإمام على هيئة الصلاة مستقبل القبلة، وأنه إذا انصرف بوجهه إلى المصلين بعد السلام، فلا حرج على المأموم في الانصراف، قال في شرح الإقناع: ويستحب للإمام أن لا يطيل الجلوس بعد السلام مستقبل القبلة؛ لقول عائشة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ـ رواه مسلم، ويستحب أن لا ينصرف المأموم قبله ـ أي قبل الإمام ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف ـ رواه مسلم، إلا أن يطيل الإمام الجلوس فينصرف المأموم لإعراضه عن السنة. انتهى.

وراجع الفتويين رقم: 64826، ورقم: 171251.

والحاصل أن فوات أجر الجمعة ونقصه إنما يكون بما ورد به الدليل، أما خروج المأموم من المسجد قبل قيام الإمام من المحراب فلم نقف له على دليل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة