الفوارق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري

0 282

السؤال

حكم الاشتراك في تعاضدية عمال التربية، وهي أن يوافق العامل على اقتطاع مبلغ زهيد شهريا من مرتبه، على أن يستفيد عوائد مادية تتمثل في تعويض 20 بالمائة من الأدوية، ويعطى مبالغ تعويض الطبيب والعلمليات الجراحية ومصاريف الختان، ودعم على الرحلات.. فحاصله أنه يستفيد أكثر مما أعطى بأضعاف مضاعفة، ومنهم من لا يستفيد كذلك.
وقرأت فتوى أنه إذا كان أعطى على وجه التبرع جاز! فما الحكم؟
وهل يجوز للمسلم أن يعود فيما تبرع فيه كما في الصدقة؟ أليس التبرع نوعا من الصدقة؟
ثم أليس هذا مثل الضمان الاجتماعي، إلا أنه اختياري؟
- والمشترك فيها من حقه قانونا أن يحتج ويطالب بحقوقه، فلو كانت تبرعا هل يصح ذلك؟
وهذه بعض قوانينها لتكون واضحة لديكم.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فهذه التعاضدية إن كانت قائمة على أساس مبدأ التعاون والإرفاق وتفتيت الأخطار على المشتركين فيها وليس على المعاوضة والربح فلا حرج فيها، وقد جاء في قرار مجمع الفقه حول ذلك التأمين أنه (ـ إذا أقيم على أساس التأمين التعاوني ـ التكافلي ـ وذلك من خلال التزام المتبرع بأقساط غير مرتجعة، وتنظيم تغطية الأخطار التي تقع على المشتركين من الصندوق المخصص لهذا الغرض، وهو ما يتناوله عموم الأدلة الشرعية التي تحض على التعاون، وعلى البر والتقوى، وإغاثة الملهوف، ورعاية حقوق المسلمين، والمبدأ الذي لا يتعارض مع نصوص الشريعة، وقواعدها العامة.)
وحول كيفية التمييز بين التأمين التعاوني المباح والتأمين التجاري المحرم يقول الدكتور يوسف الشبيلي : عقد التأمين التجاري قائم على المعاوضة، حيث تلتزم شركة التأمين بتعويض المؤمن لهم في مقابل استحقاقها لأقساط التأمين، فإن كان هناك فائض فهو لها، وإن كان هناك عجز فهو عليها، فالعقد دائر بين الغنم والغرم، وهذا هو حقيقة المقامرة، بينما دور شركة التأمين التعاوني يقتصر على إدارة التأمين، فهي تأخذ الأقساط من المؤمن لهم ولا تتملكها، بل تضعها في حسابات منفصلة عن مركزها المالي، فإن حصل فائض فهو لهم، يمكن أن تخفض به أقساط التأمين اللاحقة، ويمكن أن يجعل في حسابات احتياطية لأعمال التأمين المستقبلية، وإن حصل عجز فتخفض التعويضات بمقدار العجز، وتأخذ الشركة أجرا مقابل إدارتها لعمليات التأمين، كما تستحق حصة من الأرباح الناتجة من استثمار الأموال المجمعة بصفتها مضاربا. ولأجل ما سبق نجد البون شاسعا بين النتائج المحققة من التأمين التعاوني وآثاره على الفرد والمجتمع مقارنة بالتأمين التجاري، فالسمة العامة في التأمين التجاري أن تكون أقساط التأمين مرتفعة لا يتحملها أوساط الناس فضلا عن ذوي الدخل المحدود، (في الولايات المتحدة مثلا نسبة من يتمكنون من دفع أقساط التأمين الطبي لشركات التأمين التجاري لا تتجاوز 35% من عدد السكان)، والسبب في ذلك أن نظام التأمين التجاري قائم على استرباح الشركة من أقساط التأمين ذاتها، فكلما ارتفعت هذه الأقساط وانخفضت التعويضات التي تدفعها الشركة للمؤمن لهم كلما زاد فائض التأمين، وبالتالي تزداد ربحية الشركة؛ لأن هذا الفائض سيكون من نصيب الشركة (المساهمين) وليس المؤمن لهم، وفي المقابل فإن فائض التأمين في شركات التأمين التعاوني من نصيب المؤمن لهم، فكلما زاد هذا الفائض ازدادت احتياطيات التأمين، وبالتالي انخفضت أقساط التأمين للسنوات القادمة، أي أن كفاءة شركة التأمين التعاوني في إدارتها للتأمين يسهم في تخفيض الأقساط، بينما الأمر بالعكس في شركات التأمين التجاري .اهـ.
ولا منافاة بين كون المشترك متبرعا باشتراكه مع مطالبته بالتعويض عند حدوث موجب فهو لا يطالب بما اشترك به، ولا يريد الرجوع فيه، بل يريد ما اتفق عليه المشتركون في التعاضدية (التأمين ) من تحمل بعضهم لما يصيب البعض من أخطار ومصائب وكوارث، ولذلك قد يعطى المشترك أكثر بكثير مما اشترك به، وأصل جواز ذلك قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}، وما رواه الشيخان من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم. وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 76244.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات