كراهية الظالم... رؤية شرعية

0 224

السؤال

الناس عندنا يحبون شخصا ما، مع ما فعله بالمسلمين، وأنا أحيانا لا أبوح بما أعتقد من بغضه، وكرهه؛ من أجل المحافظة على العلاقة الشرعية مع الأقارب، وغيرهم.
هل ما أفعله صواب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الإنسان يستحق من البغض والمعاداة بقدر ما فيه من الشر، ويستحق من الحب والموالاة بقدر ما فيه من الخير؛ ولذلك فمن ثبت في حقه فسق، أو فجور، أو ظلم، فإنه يجب أن يبغض بقدر ذلك، وإن كان مسلما. وراجع الفتوى رقم: 119062.

 وتأمل ما أجاب به شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ مقدم المغول بولاي، لما قدموا دمشق في الفتنة الكبيرة. قال: وجرت بيني وبينه، وبين غيره مخاطبات؛ فسألني فيما سألني: ما تقولون في يزيد ـ يعني ابن معاوية ـ ؟ فقلت: لا نسبه، ولا نحبه، فإنه لم يكن رجلا صالحا فنحبه، ونحن لا نسب أحدا من المسلمين بعينه. فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالما؟ أما قتل الحسين؟ فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله: نقول كما قال الله في القرآن: {ألا لعنة الله على الظالمين} ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه؛ وقد لعنه قوم من العلماء؛ وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد؛ لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن. وأما من قتل الحسين، أو أعان على قتله، أو رضي بذلك فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صرفا، ولا عدلا. اهـ.
وهذا الإجمال يكفي السائل، فحسبه أن يبوح لهؤلاء الناس ببغض الفسق والفاسقين، والظلم والظالمين، جملة دون تفصيل، ما دام يترتب على التفصيل في ذلك قطيعة رحم، أو فساد ذات بين، أو نحو ذلك من المفاسد.
وعلى أية حال فلا بد من الترفق بالناس في ما يلتبس عليهم من الأحوال، فيدعون إلى محبة الله تعالى، ومحبة طاعته وأهلها، وبغض معصيته وأهلها. فإذا استقر ذلك في النفوس، تيسر تنزيله على الواقع متى ظهر الحال دون التباس.
وأخيرا ننبه الأخ السائل على أن من يحب أحدا من العصاة أو الظالمين، فلا بد من التفصيل في حاله، فهناك فرق كبير بين من يحبه لمعصيته أو ظلمه، وبين من لا يعلم بحقيقة حاله، أو يحسن الظن به. فليس هؤلاء كأولئك !
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة