السؤال
تزوجت من فتاة قريبة لي، وأمها من أقرب الناس لي، وحصل بيني وبينها طلاق، وقد عاملتني أمها بمنتهى الجفاء والقطيعة وآذتنا بلسانها وحاولت أن أرضيها وأرطب الحال بيني وبينها، ولكنها لا تريد إلا إذا رجعت ابنتها, وأنا أعرف أن حياتنا لن تستمر رغم أنني صليت الاستخارة أكثر من مرة دون أن أرى انفراجا، بل رأيت العكس، ومنذ سنوات طويلة وهي معي هكذا، لا أريد مقاطعتها، وهي لا تخاف الله وأنا أخاف من الإثم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب الشرع في أن يكون المسلمون على أحسن حال من المودة والوئام، فأكد على الأخوة بينهم، وحث على كل ما يكون سبيلا لتقويتها، وحذر من كل ما يمكن أن يؤثر عليها، ويتأكد مثل ذلك في حق أولي القربى، لما بينهم من الرحم التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها، ويمكن الاطلاع على بعض النصوص في هذا في الفتوى رقم: 93882، ورقم: 66800.
وقد أحسنت في سعيك في إرضاء أم زوجتك، والتي هي من أقربائك، وحرصك على عدم قطيعتها، وينبغي أن تستمر في هذا المسعى، وأن تستعين بالله عز وجل أولا ثم بمن ترجو أن تستجيب لقولهم، فتعاطي الإصلاح بين المتخاصمين من أفضل القربات، ومن أفضل الطاعات، فإن انتهى الإشكال فذاك؛ وإلا فقد أديت الذي عليك، وتبوء هي بإثمها.
ولا ندري ما السبب في طلاقك زوجتك، ولكننا نقول: إن الطلاق مباح، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ويكره لغير حاجة، ومن العلماء من ذهب إلى أن الأصل فيه الحظر، لما يترتب عليه في الغالب من آثار سيئة، وانظر الفتوى رقم: 214645، ورقم: 191515.
ومهما أمكنك أن ترجع زوجتك فافعل، وخاصة إن كانت صالحة ولك منها أولاد، وإن رأيت منها شيئا من الخلق السيء فانظر إلى ما قد يكون غالبا فيها من الصفات الحسنة، قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}.
وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر.
قال النووي رحمه الله: أي: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره، وجد فيها خلقا مرضيا, بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.
والرؤيا لا ينبني عليها شيء في الاستخارة، وكذا انشراح النفس، بل المعول عليه فيها التوفيق إلى تمام الشيء المستخار فيه من عدمه، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 160347.
والله أعلم.