السؤال
هل تتضمن الأحاديث لغة رمزية؟.... في حديث أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال إنه يأتي المسيح الدجال على حمار له أذنان كبيرتان ويمر مر السحاب ـ لا أتذكر الحديث ـ فهل يدل هذا الحمار على الطائرة حيث اخترعت منذ قرون؟ ولماذا؟.
هل تتضمن الأحاديث لغة رمزية؟.... في حديث أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال إنه يأتي المسيح الدجال على حمار له أذنان كبيرتان ويمر مر السحاب ـ لا أتذكر الحديث ـ فهل يدل هذا الحمار على الطائرة حيث اخترعت منذ قرون؟ ولماذا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي مسند أحمد عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم، فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا.... إلخ، قال الألباني: ضعيف.
ولا يخلو فقرات منه ثابتة في أحاديث صحيحة مشهورة، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ـ وقال الذهبي: على شرط مسلم ـ وفي المسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط: إسناده على شرط مسلم.
وفي كتاب تنبيه القارئ على تقوية ما ضعفه الألباني: وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا ـ وإسناده صحيح، وعن أبي الطفيل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج الدجال على حمار، رجس على رجس ـ وهذا إسناد صحيح.
وأما بخصوص رمز الحمار إلى الطائرة: فهذا غير سائغ، إذ لم نقف على علاقة مجازية بين الحمار والطائرة، ثم إن الكلام يجب حمله على الحقيقة، لأنها الأصل ما لم توجد قرينة صارفة إلى المجاز، قال السبكي في الأشباه والنظائر: حمل اللفظ على ما يتبادر إلى الذهن أولى، ومن ثم يحمل على الحقيقة ما لم يترجح المجاز بشهرة أو غيرها.
وقال الزركشي في البحر المحيط: إذا كان الاسم له حقيقة ومجاز وورد الخطاب به، فإنه يحمل على الحقيقة.
قال العلامة ابن القيم: ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى يكون اتفاق من الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات. انتهى.
وعلى ذلك، فتأويل الحمار بالطائرة إنما هو تخرص وتخمين واتباع للظن، وهذا يسري على كل تأويل رمزي للكلام عموما دون برهان على ذلك.
والله أعلم.