السؤال
سأقيم بعد مدة وليمة كبيرة ـ إن شاء الله ـ وقبل ثلاثة أيام تقريبا اجتمعت بصديقاتي فسألت إحداهن الأخريات من التي لن تذهب إلى وليمة فلانة ـ تقصدني ـ فلم يرد أحد، فقلت مازحة: ربما أنا لن أذهب، وضحكت، فاضطربت صديقتي وقالت استغفري فإنه لا يجوز ما قلته فربما فعلا تبتلين بشيء ويردك عن ذهابك إلى وليمتك، فالبلاء موكل بالمنطق، فاضطربت وكدت أبكي، فأنا لم أقصد شيئا، وبقيت طوال الاجتماع وأنا متوترة وخائفة وأكاد أسقط مغشيا علي، وقبل أن أخرج قلت كفارة المجلس وذهبت إلى البيت، وإلى الآن وأنا أفكر فيما قلت، وتعبت نفسيا وتركت تجهيزي لوليمتي، فأنا أخاف أن أكون فعلا تمنيت الشر لنفسي دون أن أقصد، وأكثرت من الاستغفار والدعاء في سجودي أن لا يؤاخذني الله بما نسيت أو أخطأت، فهل ما قلته من باب تمني الشر، أم أنني وسوست كثيرا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 131024، أن الأصل في المزاح الجواز إن لم يكن فيه كذب ولا إيذاء للناس.
وما قلته ليس فيه شيء من ذلك، وإن كان الأفضل تجنبه أصلا مخافة أن يجر إلى التشاؤم، وهو منهي عنه شرعا، كما سبقت الإشارة إليه في الفتويين رقم: 11835، ورقم: 14326.
واعلمي أن من أسباب السلامة حفظ المنطق, وأن لا يتكلم الإنسان إلا بالكلام الطيب المشتمل على الفأل الحسن, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن الطيرة قال: ويعجبني الفأل, قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة. متفق عليه.
أما قول زميلتك: إن البلاء موكل بالمنطق ـ فقد أوضحنا في الفتوى رقم: 197435، أنه أثر ضعيف، لكن لهذا المعنى ما يسنده من ظواهر النصوص الشرعية ومن التجربة والمشاهدة، فراجعيها للمزيد حول الموضوع.
وخلاصة الكلام أن الأمر لا يستوجب كل ما حصل منك، فلو افترضنا ـ جدلا ـ أن ما قلت فيه محظور شرعي، فإن توبتك منه وإنابتك إلى الله تعالى كافية في محو الإثم الذي صدر منك، قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}.
وقال عليه الصلاة والسلام: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. رواه بن ماجه، وحسنه الألباني.
فعليك بصدق التوبة وكثرة الاستغفار، وترك الوساوس والتخيلات التي يأتيك بها الشيطان لينكد عليك حياتك، ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين رقم: 198331، ورقم: 51601.
والله أعلم.