السؤال
وضعت أموالي في بنك مصر لمدة عشر سنوات ولم أكن أعلم أن الفوائد حرام، والآن علمت حرمتها، وأعرف مقدار تلك الفوائد ـ وهي كبيرة ـ فهل يجب أن أتخلص من تلك الفوائد؟ أم أحتفظ بها بسبب جهلي بحرمتها وتعويضا لي عن عدم وضعها في بنك إسلامي كل تلك المدة بسبب جهلي، مع العلم أنني عندما علمت بالحرمة وضعتها في بنك إسلامي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال وحذرك من الحرام، والمؤمن مأمور بتحري الحلال الطيب والبعد عن المحرم الخبيث، فقد روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا {المؤمنون: 51} وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم {البقرة: 172} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
وأما ما سألت عنه: فجوابه أن ما اكتسبته من فوائد وأنت جاهل بحرمتها وقد كففت عنها وتبت منها، يرى بعض العلماء أنه تكفيك التوبة، ولا يلزمك إخراج ما بيدك من ذلك المال الحرام، لقوله تعالى: فله ما سلف وأمره إلى الله {البقرة: 275}.
وهذه الآية وإن كانت نزلت في حكم المقبوض من ربا الكفار إذا أسلموا، فهي كذلك في حق المسلم الجاهل المعذور بجهله إذا تاب وأناب، بل هو أولى، وجاء في الاختيارات لابن تيمية ـ رحمه الله ـ ما يلي: ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن، فالذي يتلخص من كلام أبي العباس: أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا ثم تاب، فإنه يتصدق به. اهـ.
وعلى هذا القول، فإنه لا حرج عليك في الانتفاع بما اكتسبته من تلك الفوائد قبل العلم بحرمتها مع وجوب الكف عن معاملة البنك الربوي.
والله أعلم.