السؤال
رجل تعرضت زوجته لمحاولة اغتصاب من أحد جيرانه، وتم تحرير محضر بذلك، وبشهادة باقي الجيران حكمت المحكمة عليه بالحبس وذلك بعد أن سعي أهله للمصالحة دون جدوى، والآن بعد أن أمضى فترة العقوبة، فهل يكون هجرانه من قبيل الهجران المحرم الوارد في الحديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه... الحديث؟ أم من قبيل الغيرة المحمودة على العرض والأهل واجتناب أهل الفواحش والفسقة وإرهابهم، لئلا يتجرؤوا على انتهاك الأعراض والاعتداء على الحرمات؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل لم يتب مما وقع فيه من الفاحشة فهجره جائز بلا ريب، جاء في الفروع لابن مفلح: ونقل حنبل: إذا علم من الرجل أنه مقيم على معصية لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه، ولا جفوة من صديق.
وقال ابن الجوزي: اعلم أن تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهم من عتب وموجدة أو لتقصير يقع في حقوق العشرة ونحو ذلك....
وكذلك يجوز الهجر إذا كان فيه دفع مضرة في الدين أو الدنيا، قال ابن عبد البر رحمه الله: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه، فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية.
أما إن كان الرجل تائبا ولا مضرة في مكالمته، فلا يجوز هجره، لكن ينبغي التنبه إلى أن الجمهور لا يشترطون لزوال التهاجر الرجوع إلى الحال الأول قبل التهاجر، وإنما يزول التهاجر بمجرد السلام، قال ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم.
والله أعلم.