السؤال
هناك أمور شرعية كالسنن وغيرها، فهل يكفي المرء أن يؤديها مرة واحدة حتى يكون قد عمل بها؟.
هناك أمور شرعية كالسنن وغيرها، فهل يكفي المرء أن يؤديها مرة واحدة حتى يكون قد عمل بها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في الأمر هل يقتضي التكرار أو لا يقتضيه؟ والصحيح أنه لا يقتضيه إلا بقرينة، قال العلامة الشنقيطي: والحق أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، بل يخرج من عهدته بمرة واحدة، فلو قال لوكيله: طلق زوجتي فليس له إلا تطليقة واحدة, ولو قال لعبده: اشتر متاعا لم يلزمه ذلك إلا مرة واحدة، وهذا لا شك فيه, سواء قلنا باقتضائه المرة أو مطلق الماهية، لأن معناها آيل إلى شيء واحد، فادعاء اقتضاء التكرار لا وجه له البتة، وكذلك تكرير الصيغة فكونه للتأكيد أظهر، وإذا علق الأمر على شرط فالظاهر أنه يكون بحسب ما يدل عليه ذلك الشرط لغة، فإن كان يفيد التكرار تكرر وإلا فلا، مثال الأول: كلما جاءك زيد فأعطه درهما، ومثال الثاني: إن جاءك زيد فأعطه درهما. انتهى.
وهذا الخلاف ثابت في الأمر المقتضي للندب كما هو في الأمر المقتضي للوجوب، قال في شرح مختصر التحرير: وقال ابن عقيل: تكراره كالواجب، يعني كالأمر المراد للوجوب، فعند ابن عقيل: أن أمر الندب هل يتكرر؟ قال: حكمه حكم الأمر الذي أريد به الوجوب على ما يأتي في مسائل الأمر. انتهى.
وإذا علمت هذا، فإن ما كان سنة فإن اقتضى الأمر بها تكرارا لقرينة تدل على ذلك لم يكن الشخص آتيا بها بتمامها حتى يكررها، وإن كان لا يقتضي تكرارا على ما مر من التفصيل فيحصل امتثالها بمجرد فعلها ولو مرة، وينظر في كل مسألة من هذا الباب على حدة كما هو الشأن في الواجبات.
وعلى أي حال فاعلم أن كل ما هو من باب الفضائل سواء من الأقوال أو الأفعال فالأولى أن يحرص الإنسان على فعله ولو مرة واحدة، فإن فعله يرجى له أن يكون من أهله، فقد قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في الأذكار: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقا؛ لحديث: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ـ رواه البخاري. انتهى.
والله أعلم.