السؤال
أنا فتاة عزباء، أعاني من الوسوسة بالاغتسال، حيث أننا الآن برمضان، فكنت أشاهد برنامج ترفيه وكان المقدم رجلا، فنزل سائل، فقمت خوفا من أن أكون أفسدت صومي وأقفلت التلفاز وأكملت صيامي، وفي اليوم الثاني تكرر نفس الشيء، وفي اليوم الثالث كنت أغتسل فوسوس لي بأن الماء دخل للأذن، فعلمت أنه لا يفطر فارتحت، ثم قال لي بأنه نزل من أسناني دم وبلعته، فلم ألتفت لذلك، لأني ذهبت أبصق فلم أجد شيئا، لكنه شككني بأني لم أنو الصيام، وكيف لم أنو وقد تسحرت وانتظرت الفطر وصليت، وقبل الأذان شربت ماء وقلت أمام أخي بأني نويت الصيام.
واليوم قررت أن أحسم الأمر، حيث جاء ليوسوس لي بأني جنبا، لأنه بمجرد ما يخطر ببالي جماع أو أرى رجلا ينزل سائلا، علما بأن الخواطر لا تتجاوز الدقائق وأقطعها، فلم ألتفت إليها وقمت وتوضأت للصلاة وصليت وقرأت القرآن، فماذا علي فعله؟ وهل صيامي وصلاتي صحيحه بالأيام الأربعة؟ وهل مني المرأة لا ينزل إلا بالجماع والاحتلام وفعل العادة السرية - أي ملامسة العضو السفلي - ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يعافيك من الوساوس، واعلمي أن التلهي والإعراض عنها وعدم الاسترسال معها من أقوى الوسائل للتغلب عليها بعد الاستعانة بالله عز وجل، وقد ذكرنا بعض وسائل التغلب عليها في الفتويين: 51601 ، 3086 .
وقد أحسنت في مدافعتك الوسوسة عن نفسك بشأن نزول الدم وابتلاعه وفساد صومك، وعلى فرض ابتلاعك الدم دون قصد منك فلا تفطرين به على الراجح، وانظري الفتوى رقم: 241606 وما أحيل عليه فيها، كما قد أحسنت في مدافعتك الوساوس بشأن نية الصوم؛ فإن أمرها سهل، فمن خطر بقلبه أنه صائم غدا من رمضان أجزأه, وكان آتيا بما وجب عليه من النية، ومحل النية القلب، فلا يشترط التلفظ بها، قال في الإنصاف: "لو خطر بقلبه ليلا: أنه صائم غدا فقد نوى, قال في الروضة: الأكل والشرب بنية الصوم نية عندنا، وكذا قال الشيخ تقي الدين: هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم، ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان" انتهى.
وأما ما يتعلق بمني المرأة فالغالب أن المني إنما ينزل عند الجماع والاستمناء والاحتلام، إلا أنه قد ينزل أحيانا عند اشتداد الشهوة حال النظر أو التفكير، وإن كان الأغلب حينئذ نزول المذي لا المني، وعموما فقد ذكرنا العلامات التي تميز المني عن غيره في الفتويين: 51191 ، 58570 ، وإذا اشتبه عليك أمر السائل النازل، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه يعطى حكم أحد الأشياء المشكوك فيها؛ كما سبق في الفتويين: 180993 ، 150763 ، وحيث إنك مصابة بالوساوس، فلا حرج عليك بالأخذ بما هو أرفق بك من أقوال الفقهاء، وليس هذا من الترخص المذموم، وانظري الفتويين: 181305 ، 134196 ، وعلى ذلك فلا يلزمك الاغتسال إلا أن تتيقني كون النازل منيا.
وأما بخصوص الصوم؛ فإن مجرد التفكير في أمور الشهوة في نهار رمضان لا تفسد الصيام, كما أن نزول المني أو المذي بمجرد التفكير لا يفسد الصيام في قول جمهور أهل العلم، كما بيناه في الفتويين رقم: 56240 , 113320 ، ومما سبق يتضح صحة صلاتك وصيامك في الأيام المذكورة إن شاء الله.
وأما بخصوص نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي فقد اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من منعه بإطلاق ومنهم من أجازه مع أمن الشهوة، أما مع وجود الشهوة فتحريم نظرها إليه محل اتفاق، وانظري الفتوى رقم: 7997 ، وراجعي بشأن مشاهدة التلفاز فتوانا رقم: 1886 .
والله أعلم.